للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنّخعي وعطاء بن أبي رباح (١) وابن محيصن. وقرأ الباقون بضم النون الأولى وكسر السين من غير همز، جعلوه من النسيان الذي هو ضد الذكر، على معنى: أو ننسكها يا محمد، فلا تذكرها، فهو من النسيان الذي هو ضد الذكر (٢)، نقل بالهمز فتعدّى الفعل إلى مفعولين، وهما «النبي» والهاء، لكن اسم النبي مقدر محذوف، ويجوز أن تكون هذه القراءة من الترك لا من النسيان فيكون معنى نفسها بتركها فلا ننسخها على أن يكون باللفظين عمّا في اللوح المحفوظ، فإن كان الإخبار عمّا قد نزل وتلي من القرآن، فلا يصلح لقوله: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها﴾، والأقوى البيّن أن يكون من النسيان الذي هو ضد الذكر، فيكون المعنى إذا رفعنا «آية» ب «نسخ» أو ب «نسيان» نقدّره عليك يا محمد، أتينا بخير منها في الصلاح لكم، أو بمثلها في التعبّد، ويدل على أنه من النسيان قوله: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى. إِلاّ ما شاءَ اللهُ﴾ «الأعلى ٦، ٧» فقد أعلمه الله أنه لا ينسى شيئا، ممّا نزل عليه، إلا ما شاء الله أن ينساه، ممّا قدّر أن يبدله بأصلح منه للعباد، أو بمثله، ويدلّ على أنه من النسيان أن الضّحّاك قرأ: «أو تنسها» بتاء مضمومة، وفتح السين، فهو من النسيان لا يجوز غيره. وقد قرأ ابن مسعود:

«ما ننسك من آية أو ننسخها»، فهذا أيضا من النسيان لا غير، وأيضا فإن «تنسى»، الذي بمعنى الترك، لم يستعمل «أفعل» إنما استعمل فيه «فعل»، فكان يجب أن تكون القراءة بفتح النون الأولى والسين، ولم يأت ذلك. والاختيار «ننسها» من النسيان، لصحة المعنى، ولأن جماعة القراء عليه، وبه قرأ ابن المسيّب (٣) وأبو عبد الرحمن وقتادة والأعرج وأبو جعفر يزيد


(١) هو من سادة التابعين، روى الحروف عن أبي هريرة، عرض عليه أبو عمرو، (ت ١٠٥ هـ)، ترجم في طبقات خليفة ٧٠٢، وطبقات القراء ١/ ٥١٣
(٢) قوله: «الذي … الذكر» سقط من: ص.
(٣) هو سعيد، أبو محمد، عالم التابعين، قرأ على ابن عباس وأبي هريرة وروى عن عمر وعثمان، وردت عنه رواية الحروف، قرأ عليه عرضا الزهري، (ت ٩٤ هـ)، ترجم في طبقات ابن سعد ٥/ ١١٩، وطبقات القراء ١/ ٣٠٨