للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«٦٥» فوجه النصب مشكل ضعيف، وذلك أنه جعله جوابا بالفاء للفظ «كن»، إذا كان لفظه لفظ الأمر، وإن كان معناه غير الأمر فهو ضعيف، لأن «كن» ليس بأمر، إنما معناه الخبر، إذ ليس ثمّ مأمور، يكون «كن» أمرا له. والمعنى: فإنما يقول له: كن فيكون فهو يكون، ويدلّ على أن «فيكون» ليس بجواب ل «كن» أن الجواب بالفاء، مضارع به الشرط، وإلى معناه يؤول في التقدير، فإذا قلت: اذهب فأكرمك، فمعناه: إن تذهب فأمكرك، ولا يجوز أن تقول: اذهب فتذهب، لأن المعنى يصير: إن تذهب تذهب، وهذا لا معنى له، وكذلك «كن فيكون» يؤول معناه، إذا جعلت «فيكون» جوابا أن تقول له: أن يكون فيكون (١)، ولا معنى لهذا، لأنه قد اتفق فيه الفاعلان، لأن الضمير الذي في «كن» وفي «يكون» الشيء (٢) ولو اختلفا لجاز كقولك:

اخرج فأحسن إليك، أي: إن تخرج أحسنت إليك. ولو قلت: قم فتقوم، لم يحسن، إذ لا فائدة فيه، لأن الفاعلين واحد، ويصير التقدير: إن تقم تقم.

فالنصب في هذا على الجواب بعيد في المعنى.

«٦٦» ووجه قراءة من رفع «فيكون» في ذلك أنه جعل «فيكون» منقطعا ممّا قبله مستأنفا، لمّا امتنع أن يكون جوابا في المعنى، رفعه على الابتداء، فتقديره: فهو (٣) يكون. وهو وجه الكلام، والاختيار، وعليه جماعة القراء وبه يتمّ المعنى. فأما اختصاص الكسائي للنصب في النحل وياسين فهو حسن قوي، لأن فيه «أن يقول» فعطف «فيكون» على «يقول»، ثم (٤) ينصب «فيكون» على الجواب. إنما نصبه على العطف على «تقول»، وكذلك آخر «يس» فيه «أن يقول»، فعطف على «يقول» (٥) وهو حسن، لكن الرفع عليه


(١) ب: «له يكن يكن» ووجهه كما في: ص.
(٢) ب: «الشيء» وتصويبه من: ص.
(٣) ب: «هو» وبالفاء وجهه كما في: ص.
(٤) ب: «لم» وتصويبه من: ص.
(٥) قوله: «الجواب … على يقول». سقط من: ص.