للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«٦٨» قوله: (إبراهيم) قرأه هشام بألف في موضع الياء في ثلاثة وثلاثين موضعا، في البقرة خمسة عشر موضعا، وقد ذكرنا مواضع الباقي منها في الكتاب الأول (١). وروي عن ابن ذكوان أنه قرأ في البقرة خاصة بألف، وبالوجهين قرأت، وقرأ باقي القراء، في ذلك كله، بالياء، وهو الاختيار، اتباعا للمصحف، ولأن عليه لغة العامة، وعليه الجماعة، والألف لغة شامية قليلة (٢).

«٦٩»: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ﴾ قرأه نافع وابن عامر بفتح الخاء، على الخبر، عمّن كان قبلنا من المؤمنين، أنهم اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى، فهو مردود على ما قبله من الخبر وما بعده، والتقدير: واذكر يا محمد إذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا، واذكر إذ اتّخذ الناس من مقام إبراهيم مصلى، واذكر إذ عهدنا إلى إبراهيم.

فكله خبر، فيه معنى التنبيه والتذكير لما كان، فحمل على ما قبله وما بعده، ليتّفق الكلام ويتطابق، ف «إذ» محذوفة مع كل خبر، لدلالة «إذ» الأولى الظاهرة على ذلك. وقرأ باقي القراء بكسر الخاء، على الأمر، بأن يتخذ من مقام إبراهيم مصلى. وبذلك أتت الروايات عن النبي (٣) وروي أن النبي أخذ بيد عمر ، فلمّا أتيا المقام قال عمر: هذا مقام أبينا إبراهيم؟ فقال النبي: نعم. فقال عمر: أفلا نتّخذه مصلى؟ فأنزل الله جلّ ذكره:

«واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلى» على الأمر بذلك، أي افعلوه (٤) وروى


(١) يعني كتابه «التبصرة» وقد عددها في الورقة ٥٢ /ب - ٥٣ /أ، وكذلك في التيسير ٧٦ - ٧٧، والنشر ٢/ ٢١٣
(٢) يذكر ابن خالويه في اسم «إبراهيم» أربع لغات، وابن الجوزي ست لغات، انظر إعراب ثلاثين سورة ٤، وزاد المسير ١/ ١٣٩، وانظر أيضا المختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١٠ /أ، والكشف في نكت المعاني والإعراب ١٣ /ب.
(٣) يروي مسلم في صحيحه «كتاب الحج - باب حجة النبي » بسنده عن جابر بن عبد الله في حديث طويل، ذكر فيها قراءة رسول الله بكسر الخاء. وانظر أيضا تفسير ابن كثير ١/ ١٧٠
(٤) ذكره ابن كثير في تفسيره عن عثمان بن أبي شيبة من طريق أبي ميسرة انظر التفسير ١/ ١٦٩