ووجه القراءة بالتاء، أنه أجراه على المخاطبة التي قبله في قوله: ﴿وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ - ﴿وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ﴾ أي: من توليتكم.
«٨٠» ووجه القراءة بالياء، أنه أجراه على ما قرب منه، من لفظ الغيبة في قوله: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ﴾ ثم قال: ﴿وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ﴾ أي عمّا يعمل الذين أوتوا الكتاب في أمر القبلة. وقراءة أيضا ما بعده في قوله: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ﴾ «١٤٥» وقوله: ﴿ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾، وقوله: ﴿وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ - ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ﴾ فكله أتى على لفظ الغيبة، فحمل «يعملون» عليه. والتقدير: وما الله بغافل عما يعملون، ولئن أتيتهم بكل آية ما تبعوا قبلتك، يعني بذلك كله اليهود، وهم غيب. والياء في ذلك كله الاختيار، لتطابق الكلام من قبل ومن بعد، على لفظ الغيبة، ولأن المراد بذلك كله اليهود، وهم غيّب، ولما قدّمنا من اختيار الياء، إذا وقع الاختلاف على الياء والتاء في قول ابن مسعود وابن عباس (١).
«٨١» قوله: ﴿تَعْمَلُونَ. وَمِنْ حَيْثُ﴾ قرأه أبو عمرو بالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
«٨٢» ووجه القراءة بالياء أنه أجراه على لفظ الغيبة والإخبار عن اليهود، الذين يخالفون النبي في القبلة وهم غيّب. فالتقدير: ولّ وجهك يا محمد نحو المسجد الحرام، وما الله بغافل عمّا يعمل من يخالفك من اليهود في القبلة.
«٨٣» ووجه القراءة بالتاء أنه مردود على ما قبله، من الخطاب للنبي ﵇ وأصحابه، في قوله: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ﴾، والمعنى: فولّوا وجوهكم شطر
(١) راجع الفقرة الرابعة والعشرين من هذه السورة، وانظر الحجة في القراءات السبع ٥٩، وتفسير ابن كثير ١/ ١٩٥، وتفسير النسفي ١/ ٨٣