للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسجد الحرام، وما الله بغافل عما تعملون، أيها المؤمنون من توليتكم نحو المسجد الحرام. وأيضا فإن بعده مخاطبة أخرى في قوله: ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ وقوله:

﴿عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ﴾، وقوله: ﴿فَلا تَخْشَوْهُمْ﴾، وقوله ﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾، فكله خطاب، فحمل «تعملون» عليه في الخطاب للحمل (١) على ما قبله وما بعده، من المخاطبة، وهو الاختيار، للإجماع عليه، ولأنه أحسن مطابقة لما قبله وما بعده (٢).

«٨٤» قوله: (لئلا) قرأه ورش بياء مفتوحة، هي بدل من همزة مفتوحة لانكسار ما قبلها، فهي بمنزلة الثانية، في قوله: ﴿مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ﴾ «البقرة ٢٨٢» واعتدّ باللام وبحركتها، فسهّل الهمزة على حكمها، وقرأه الباقون بالهمز على الأصل، لأنها «أن» الناصبة للفعل، دخلت عليها اللام، فهي في تقدير المبتدأ بها، لأن اللام زائدة، وحقّ الهمزة المبتدأ بها التحقيق، فأجروها على التحقيق لذلك وهو الاختيار، لأنه الأصل، ولأن اللام زائدة، ولأنه إجماع من القراء، غير ورش، وغير حمزة، إذا وقف فإنه يبدل من الهمزة ياء مفتوحة كورش، وعنه فيه اختلاف وقد ذكرناه (٣).

«٨٥» قوله: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ﴾ قرأه حمزة والكسائي بالياء، وتشديد الطاء، والجزم ومثله الثاني في هذه السورة (٤)، وقرأه (٥) الباقون بالتاء وتخفيف الطاء، وفتح العين.

«٨٦» ووجه القراءة بالجزم والياء أنه حمل على لفظ الاستقبال في اللفظ والمعنى، وأصله «يتطوع» فجزم بالشرط ب «من»، وأدغمت التاء في الطاء، فشدّدت الطاء لذلك. وحسن الإدغام لنقل التاء إلى القوة، وكان لفظ الاستقبال


(١) ص: «فحمل ما».
(٢) التيسير ٧٧، وتفسير ابن كثير ١/ ١٩٥، وتفسير النسفي ١/ ٨٣
(٣) راجع «باب علة الاختلاف في الوقف على الهمز» الفقرتين «٧ و ٨».
(٤) الحرف فيها هو (آ ١٨٤).
(٥) ب: «وقرأ» ورجّحت ما في: ص.