للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون «يتسنه» منه، إذ لا معنى له فيه (١).

«١٧٤» قوله: ﴿نُنْشِزُها﴾ قرأه الكوفيون وابن عامر بالزّاي، وقرأه (٢) الباقون بالراء.

«١٧٥» وحجة من قرأ بالزاي أنه حمله على معنى الرفع من «النّشز» وهو المرتفع من الأرض، أي: وانظر إلى العظام كيف نرفع بعضها على بعض في التركيب للإحياء لأن «النشز» الارتفاع (٣). يقال لما ارتفع من الأرض نشز، ومنه المرأة النشوز، وهي المرتفعة عن موافقة زوجها. ومنه قوله: ﴿وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا﴾ «المجادلة ١١» أي: ارتفعوا وانضموا. وأيضا فإن القراءة بالزاي بمعنى الإحياء، والعظام لا تحيا على الانفراد، حتى يضمّ بعضها إلى بعض.

فالزاي أولى بذلك المعنى، إذ هي بمعنى الانضمام دون الإحياء. فالموصوف بالإحياء هو الرجل، دون العظام على انفرادها، لا يقال: هذا عظم حي. فإنما المعنى: وانظر إلى العظام كيف نرفعها من أماكنها من الأرض إلى جسم صاحبها للإحياء. فأما قوله تعالى: ﴿قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ «يس ٧٨، ٧٩» فإنما وصفت العظام بالإحياء على إرادة صاحبها، لأن إحياء العظام على الانفراد، لا تقوم منه حياة إنسان. فإنما المراد حياة صاحب العظام، والعظام إنما تحيا بحياة صاحبها. وهذه الآية نزلت في مشرك أتى النبيّ برمّة، وهي العظم البالي، ففتّه في يده ثم قال: يا محمد أتزعم أن الله يحيي هذه؟ فقال له النبي: إن الله يحييها ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك النار. ففي ذلك نزل: ﴿وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً﴾


(١) قوله: «وقد قيل … له فيه» سقط من: ص، انظر توجيه هذا الحرف بأكثر من هذا في إيضاح الوقف والابتداء ٣٠٣، ومعاني القرآن ١/ ١٧٢، وتفسير الطبري ٥/ ٤٦٠، وتفسير غريب القرآن ٩٤، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١٥ /ب، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٢٨ /أ.
(٢) ب: «قرأ» ورجحت ما في: ص.
(٣) تفسير غريب القرآن ٩٥، والقاموس المحيط «نشز».