للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَنَسِيَ خَلْقَهُ﴾ الآية. فإنما أراد [المشرك] (١): هل يحيي الله الإنسان، الذي هذه الرّمة منه؟ ودليل ذلك جواب النبي له بأن قال: ثم يميتك ثم يحييك، أي يحيي صاحب هذه الرمة كما يحييك بعد موتك (٢). وبالزاي قرأ أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت (٣) وأبو عبد الرحمن السّلمي وأبو العالية (٤) وابن وثّاب وطلحة وعيسى.

«١٧٦» وحجة من قرأ بالراء أنه جعله من النشور، وهو الإحياء.

فالمعنى: وانظر إلى عظام حمارك، التي قد ابيضّت من مرور الزمان عليها، كيف نحييها. وقد أجمعوا على قوله: ﴿ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ﴾ «عبس ٢٢» فالنشور الإحياء. يقال: نشر الميت أي حيي. وأنشره الله أي أحياه. فالمعنى أن الله يعجّبه من إحيائه (٥) الموتى بعد فنائهم. وقد كان قارب أن يكون على شكّ من ذلك إذ قال: أنّى يحيي هذه الله بعد موتها. فأراه الله قدرته على ذلك في نفسه، فأماته مائة عام ثم أحياه، فأراه وجود ما شكّ فيه في نفسه، ولم يكن شكّ في رفع العظام عند الإحياء، فيريه رفعها، إنما شكّ في الإحياء. فالراء أولى به، وهو الاختيار، لهذا المعنى، ولأن الأكثر عليه، وهي قراءة مجاهد وعطاء وعكرمة وقتادة والأعرج وابن محيصن والجحدري والأعمش وابن يعمر، وإلى


(١) تكملة مناسبة من: ص.
(٢) زاد المسير ١/ ٣٠٩، وتفسير ابن كثير ١/ ٣١٤
(٣) زيد بن ثابت، الصحابي الجليل، أحد كتاب الوحي الأمناء، ولاّه عثمان كتابة المصحف ومن قبل أبو بكر جمعه، (ت ٤٥ هـ)، ترجم في طبقات ابن سعد ٢/ ٣٥٨، والجرح والتعديل ٢/ ٥٥٨/١
(٤) هو رفيع بن مهران، أحد كبار التابعين، أخذ القرآن عرضا عن أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت، (ت ٩٠ هـ)، ترجم في طبقات ابن سعد ٧/ ١١٢، والإصابة ٢/ ٢٢١
(٥) ب: «احياء» ورجحت ما في: ص.