للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك رجع الحسن. وقد روي أن الله جل ذكره أحيا بعضه ثم أراه كيف أحيا باقي جسده (١).

«١٧٧» قوله: (قال أعلم) قرأه حمزة والكسائي بوصل الألف والجزم، وقرأه الباقون بقطع الألف والرفع.

«١٧٨» وحجة من قرأ بالقطع أنه أخبر عن نفسه، عندما عاين من قدرة الله في إحيائه الموتى، فتيقّن ذلك بالمشاهدة، فأقر أنه يعلم أن الله على كل شيء قدير. أي: أعلم أنا هذا الضرب من العلم، الذي لم أكن أعلمه معاينة، وبه قرأ الحسن والأعرج وأبو جعفر وشيبة وابن أبي إسحاق وعيسى وابن محيصن.

«١٧٩» وحجة من قرأ بوصل الألف أنه جعلها أمرا، معناه الخبر، وذلك أنه لمّا عاين الإحياء وتيقّن أنزل نفسه منزلة غيره، فخاطبها، كما يخاطب غيره، فقال: اعلم يا نفس هذا العلم اليقين، الذي لم تكوني تعلمينه معاينة. وجاء بلفظ التذكير، لأنه هو المراد بذلك، ويبعد أن يكون ذلك أمرا من الله جلّ ذكره له بالعلم، لأنه قد أظهر إليه قدرة وأراه أمرا تيقن صحته، وأقر بالقدرة، فلا معنى لأن يأمره الله بعلم ذلك، بل هو يأمر نفسه بذلك، وهو جائز حسن، وفي حرف عبد الله ما يدّل على أنه أمر من الله له بالعلم، على معنى:

«الزم هذا العلم لما عاينت وتيقنت». وذلك أن في حرفه: (قيل اعلم)، وأيضا فإنه موافق لما قبله من الأمر، في قوله: «انظر إلى طعامك، وانظر إلى حمارك، وانظر إلى العظام» فكذلك: «اعلم أن الله». وقد كان ابن عباس يقرؤها: «قيل اعلم»، ويقول: أهو خير أم إبراهيم، إذ قيل له: ﴿وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ «البقرة ٢٦٠» فهذا يبيّن أن «قال اعلم» أمر من الله له بالعلم اليقين، لما عاين من الإحياء [وبه قرأ ابن عباس وأبو رجاء وأبو عبد الرحمن] (٢). والقراءة بالقطع هي الاختيار، لأنه على ظاهر الكلام، لما تبيّن


(١) الحجة في القراءات السبع ٧٦، وزاد المسير ١/ ٣١٢، وتفسير ابن كثير ١/ ٣١٤، وتفسير النسفي ١/ ١٣٢، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١٥ /ب.
(٢) تكملة لازمة من: ص.