للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٤٣» قوله: ﴿تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ﴾ قرأ الثلاث ابن كثير وأبو عمرو بالياء، ردّاه على لفظ الغيبة في قوله: ﴿وَما قَدَرُوا اللهَ﴾ وقوله:

﴿إِذْ قالُوا﴾، وقرأهن الباقون بالتاء، ردّوه على المخاطبة التي قبله، في قوله:

﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ﴾، فذلك أقرب إليه، وهو أولى أن يحمل على ما قرب منه ممّا بعد، وأيضا فإن بعده خطابا، فحمل على ما قبله، وما بعده، وهو قوله:

(وعلّمتم ما لم تعلموا أنتم) فحمل على ما قبله وما بعده، فذلك أحسن في المشاكلة والمطابقة، واتصال بعض الكلام ببعض، وهو الاختيار، لهذه العلل، ولأن أكثر القراء عليه (١).

«٤٤» قوله: ﴿وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى﴾ قرأه أبو بكر بالياء، ردّه على «الكتاب» فأسند الفعل، وهو الإنذار، إلى «الكتاب»، كما قال:

﴿وَلِيُنْذَرُوا بِهِ﴾ «إبراهيم ٥٢»، وقال ﴿إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ «الأنبياء ٤٥»، وقرأ الباقون بالتاء، على الخطاب للنبي ، فهو فاعل الإنذار، كما قال:

﴿إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها﴾ «النازعات ٤٥»، ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ﴾ «الأنعام ٥١» (٢).

«٤٥» قوله: ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ قرأه نافع والكسائي وحفص بالنصب، وقرأ الباقون بالرفع.

وحجة من رفع أنه جعل «البين» اسما غير ظرف، فأسند الفعل إليه، فرفعه به، ويقوّي جعل «بين» اسما دخول حرف الجر عليه، في قوله:

﴿وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ﴾ «فصلت ٥» و ﴿هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ «الكهف ٧٨» ولا يحسن أن يكون مصدرا، وترفعه بالفعل، لأنه يصير المعنى، لقد تقطّع افتراقكم، وإذا انقطع افتراقهم لم يفترقوا، فيحول المعنى، وينقلب المراد، وإنما تمّ على أنهم (٣) تفرّقوا. وأصل «بين» أن تبيّن عن الافتراق، وقد


(١) التبصرة ٦٨ /أ، وتفسير الطبري ١١/ ٥٢٤، وإيضاح الوقف والابتداء ٦٤٠، وزاد المسير ٣/ ٨٤، وتفسير القرطبي ٧/ ٣٧
(٢) زاد المسير ٣/ ٨٥، وتفسير ابن كثير ٢/ ١٥٦، وتفسير النسفي ٢/ ٢٣
(٣) ص: «والمعنى انهم».