للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استعملت في هذا الموضع وغيره، إذا ارتفعت، بمعنى الوصل، والمعنى: لقد تقطع وصلكم، وإذا تقطع وصلهم افترقوا، وهو المعنى المقصود إليه، وإنما استعملت بضد ما بنيت عليه، بمعنى الوصل، لأنها تستعمل كثيرا مع السببين المتلابسين، بمعنى الوصل، تقول: بيني وبينه شركة، وبيني وبينه رحم وصداقة، فلمّا استعملت في هذه المواضع بمعنى الوصل (١) جاز استعمالها في الآية كذلك.

«٤٦» وحجة من نصب أنه جعله ظرفا، والتقدير: لقد تقطع وصلكم بينكم. ودلّ على حذف الوصل قوله: (وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء)، فدلّ هذا على التقاطع والتهاجر بينهم وبين شركائهم، إذ تبرؤوا منهم، ولم يكونوا معهم، وتقاطعهم لهم هو ترك وصلهم لهم، فحسن إضمار الوصل بعد «تقطع» لدلالة الكلام عليه. وفي حرف ابن مسعود ما يدلّ على النصب فيه قرأ: «لقد تقطع ما بينكم» وهذا لا يجوز فيه إلا النصب، لأنك ذكرت التقطع، وهو ما كأنه قال: لقد تقطع الوصل بينكم. ويجوز أن تكون القراءة بالنصب كالقراءة بالرفع، على أن «بينا» اسم، لكنه لمّا كثر استعماله ظرفا منصوبا جرى في إعرابه، في حال كونه غير ظرف، على ذلك، ففتح، وهو في موضع رفع، وهو مذهب الأخفش. فالقراءتان على هذا بمعنى واحد، فاقرأ بأيهما شئت (٢).

«٤٧» قوله: ﴿وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً﴾ قرأ الكوفيون ﴿جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ﴾ «٩٧» وقوله: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً﴾ «٩٩» وكذلك ما بعده، فحمل أول الكلام على آخره في «فعل»، لتكرر ذلك، ويقوّي ذلك إجماعهم على نصب


(١) ب: «الوصلة» ورجحت ما في: ص.
(٢) زاد المسير ٣/ ٨٩، وتفسير ابن كثير ٢/ ١٥٨، وتفسير النسفي ٢/ ٢٤، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٣٤ /ب - ٣٥ /أ، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٧١ /أ.