للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«الشمس» وما بعده، على إضمار «فعل»، ولم يحملوه على فاعل، فيخفضوه، فأجري ما قبله عليه، للمشاكلة لما بعده، وقرأ الباقون «جاعل» على العطف على «فاعل»، الذي قبله، وخفض «الليل» فشاكلوا بينه وبين ما قبله في اللفظ، كما شاكل من قرأ «جعل» بينه وبين ما بعده في المعنى، ويقوي ذلك أن حكم الأسماء أن تعطف عليها أسماء مثلها، فكان عطف «فاعل» على «فاعل» أولى من عطف (١) «فعل» على اسم، والقراءتان بمعنى واحد، فجاء على تقوية ما قبله، و «جعل» يقوّيه ما بعده، فاقرأ بأيهما شئت (٢).

«٤٨» قوله: (فمستقرّ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر القاف، جعلاه اسما غير ظرف، على معنى: فمستقر في الأرحام، بمعنى قارّ في الأرحام، لأن «قرّ واستقر» بمعنى لا يتعديان، ورفعه بالابتداء، والخبر محذوف، أي فمنكم مستقر، أي: فمنكم قارّ في الأرحام، أي: بعضكم قارّ في الأرحام، وبعضكم مستودع في الأصلاب، وقيل: في القبور، وهذا المستودع، في قراءة من كسر القاف، هو الإنسان بعينه، فتعطف اسما على اسم، كما قال: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ﴾ «الزمر ٦»، وقرأ الباقون بفتح القاف، جعلوه اسم مكان، ورفعه أيضا بالابتداء، والخبر محذوف كالأول، والتقدير: فلكم مستقر، أي مقر، أي مكان تقرون فيه، وتسكنون فيه، ويكون «مستودع» أيضا اسم مكان، على معنى: فلكم استقرار مكان استيداع، «فمستقر»، في قراءة من فتح القاف، ليس هو الإنسان، إنما هو اسم لمكان الإنسان، والمعنى: فلكم مستقر في الأرحام ومستودع في الأصلاب، على معنى:

استقرار ومكان استيداع، فتعطف مكانا على مكان، وهو الاختيار، لأن أكثر القراء عليه (٣).


(١) ب: «عطفه» وتصويبه من: ص.
(٢) قوله: «والقراءتان بمعنى … شئت» سقط من: ص، وانظر الحجة في القراءات السبع ١٢١، وزاد المسير ٣/ ٩١، وكتاب سيبويه ١/ ١٠٩، ٢٠٩
(٣) زاد المسير ٣/ ٩٢، وتفسير ابن كثير ٢/ ١٥٩، وتفسير غريب القرآن ١٥٧، وتفسير النسفي ٢/ ٢٥، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٣٥ /أ.