للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كنانة (١) راعيا فقال: ما الحرجة عندكم؟ قال الحرجة الشجرة تكون بين الأشجار، لا تصل إليه راعية ولا وحشية ولا شيء. فقال عمر: كذلك قلب المنافق، لا يصل إليه شيء من الخير، فيكون المعنى أن الله جلّ ذكره وصف صدر الكافر بشدة الضيق، عن وصول الموعظة (٢) إليه، ودخول الإيمان فيه، فشبهه في امتناع وصول المواعظ إليه بالحرجة (٣) وهي الشجرة التي لا يوصل إليها لرعي ولا لغيره فهذا يدل على الفتح، وهو الاختيار لصحة معناه، لأن أكثر القراء عليه (٤).

«٦٨» قوله: (كأنّما يصّعد) قرأه ابن كثير بإسكان الصاد، مخفّفا الصعود، وهو الطلوع، شبّه الله جلّ ذكره الكافر في نفوره عن الإيمان، وثقله عليه بمنزلة من تكلّف ما لا يطيقه، كما أن صعود السماء لا يطاق. وقرأ أبو بكر بالتشديد وبألف، بناه على مستقبل «تصاعد»، فأدغم التاء في الصاد، وأصله «تتصاعد»، فهو على مثل الأول، غير أنه فيه (٥) معنى فعل شيء بعد شيء، وذلك أثقل على فاعله، فهو بمعنى يتعاطى، معناه: يريد أن يفعل ما لا يطيقه.

وقرأ الباقون بالتشديد، من غير ألف، وهو كالذي قبله، معناه: يتكلّف ما لا يطيق شيئا بعد شيء، كقولك: يتجرع ويتفرّق (٦).

«٦٩» قوله: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ قرأه حفص بالياء، ردّه في الغيبة على قوله: ﴿لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ «١٢٧» وهو الثاني في


(١) هي قبيلة ضخمة، من قبائل كلب، ومنها بنو عدي وزهير وعليم، بني جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر، وهم بطون ضخمة انظر جمهرة أنساب العرب ٤٥٦، ٧٤٩
(٢) ص: «الوعظ».
(٣) ب، ص: «بالحرج» فأثبت ما به الوجه.
(٤) التبصرة ٦٩ /أ، وتفسير ابن كثير ٢/ ١٧٥
(٥) ب: «في» ورجحت ما في: ص.
(٦) تفسير غريب القرآن ١٦٠