للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذه السورة ومثله الثاني في يونس وفي الفرقان: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ﴾ ومثله في سبأ (١)، وافقه ابن كثير على الياء في الفرقان، وقرأ الباقون بالنون في الأربعة، على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، فأتى بلفظ الإخبار بعد لفظ الغيبة، وهو كثير، كما قال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي﴾ «العنكبوت ٢٣» ودليله قوله: ﴿وَحَشَرْناهُمْ﴾ «٤٧» وقوله: ﴿وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى﴾ «طه ١٢٤» (٢).

«٧٠» قوله: ﴿عَمّا يَعْمَلُونَ﴾ قرأه ابن عامر بالتاء، حمله على الخطاب الذي بعده، وهو قوله: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ «١٣٣» وما بعده: (كما أنشأكم)، وقرأ الباقون بالياء، حملوه على الغيبة التي قبله، وهو قوله: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا﴾ وقوله قبل ذلك: ﴿أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ﴾ «١٣١» وهو الاختيار، لأن الجماعة عليه (٣).

«٧١» قوله: (مكانتكم) قرأه أبو بكر بالجمع، حيث وقع، جعله جمع مكانة، وهي الحالة التي هم عليها، فلمّا كانوا على أحوال مختلفة من أمر دنياهم جمع، لاختلاف الأنواع وهو مصدر، فالمعنى: اعملوا على أحوالكم التي أنتم عليها، فليس يضرّنا ذلك، وفي الكلام معنى التهدد والوعيد بمنزلة قوله:

﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً﴾ «المرسلات ٤٦» وقرأ الباقون بالتوحيد، لأنه مصدر يدّل على القليل والكثير من صنفه، من غير جمع ولا تثنية، وأصل المصدر أن لا يثنّى ولا يجمع، لأن فائدته فائدة الفعل، إذ الفعل منه أخذ، فكما لا يجمع الفعل كذلك لا يجمع المصدر، إلا أن تختلف أنواعه، فيشابه المفعول، فيجوز


(١) الأحرف على ترتيب ذكرها هي: (آ ٢٨، ١٧، ٤٠) وسيأتي الأول والثالث كلا في سورته، الفقرة «١٨، ٢٣».
(٢) زاد المسير ٣/ ١٢٣، والتيسير ١٠٧، وتفسير النسفي ٢/ ٣٣، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٧٣ /ب.
(٣) ص: «عليه الجماعة»، وانظر زاد المسير ٣/ ١٢٦، وتفسير النسفي ٢/ ٣٤