للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«النحل ٩٨»، فحضّنا الله على قول «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» عند القراءة، فعلينا امتثال هذا الذي رغّبنا فيه عند افتتاح القراءة.

«٥» فإن قيل: فإن لفظ القرآن أتى بلفظ الأمر والحتم به، أذلك فرض على كل من قرأ القرآن أم لا؟.

فالجواب أن لفظ الأمر في القرآن يأتي على وجوه كثيرة، ليس معناها الفرض والحتم، نحو قوله: ﴿وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا﴾ «المائدة ٢» واللفظ لفظ الأمر ومعناه الإباحة (١). ومثله: ﴿فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا﴾ «الجمعة ١٠» ويأتي لفظ الأمر (٢) ومعناه الندب والإرشاد كقوله: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ﴾ «النور ٣٢»، و ﴿فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ﴾ «النساء ٣» وكذلك (٣) قوله: ﴿فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ﴾ معناه الندب والإرشاد. ليس على الفرض والحتم.

«٦» فإن قيل: فإن ظاهر النص أن يتعوذ القارئ بعد القراءة لأنه قال:

«فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ»، والفاء بعد ما قبلها تتبعه، هو أصلها (٤).

فالجواب أن المعنى على خلاف الظاهر، معناه: فإذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله، ودل على ذلك الإجماع أن الاستعاذة قبل القراءة، ودليل هذا المعنى (٥) قوله تعالى: ﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا﴾ «الأعراف ٤» فوقع في ظاهر التلاوة أن مجيء البأس بعد الهلاك، وليس المعنى على ذلك، إنما (٦) معناه: وكم من قرية أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا. فمجيء البأس بعد إرادة الهلاك وقبل الهلاك (٧)، وكذلك التعوذ المأمور به يكون بعد إرادة القراءة، وقبل القراءة على


(١) ص: «معنى الإباحة».
(٢) قوله: «ويأتي لفظ الأمر» سقط من: ص.
(٣) ص: «فكذلك».
(٤) قوله: «هو أصلها» سقط من: ص.
(٥) قوله: «قبل القراءة … المعنى» سقط من: ص.
(٦) ص: «وانما».
(٧) قوله: «وقبل الهلاك» سقط من: ص.