للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصل الفاء (١).

«٧» فإن قيل: فمن أيّ شيء اشتق الشيطان، لعنه الله، وما وزنه، وما (٢) معناه؟

فالجواب أن اشتقاقه فيه قولان: أحدهما أنه مشتق من «شطن» إذا بعد، يقال: دار شطون، أي بعيدة، وبئر شطون، أي بعيدة القعر، فيكون وزنه على هذا «فيعالا»، سمّي بذلك لبعده من رحمة الله. والقول الثاني أن يكون مشتقا من «شاط يشيط» إذا هلك، فسمي بذلك لهلاكه بمعصيته وغضب الله عليه، فيكون وزنه على هذا «فعلان» (٣).

«٨» فإن قيل: فما معنى «الرجيم»؟.

فالجواب أنّ فيه ثلاثة أقوال: الأول أن يكون بمعنى «مرجوم» وصف بذلك لأنه يرجم بالنجوم عند استراقه السمع، قال الله جلّ ذكره في الكواكب ﴿وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ﴾ «الملك ٥»، والثاني أن يكون بمعنى «المرجوم» أي: المشتوم على معصيته كما قال تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ﴾ «مريم ٤٦» أي: لأشتمنك والثالث أن يكون بمعنى المرجوم أي: الملعون، ومعنى «الملعون» المطرود المبعد من رحمة الله وجواره، ومنه قوله تعالى: ﴿لَعَنَهُ اللهُ﴾ «النساء ١١٨» أي: أبعده من رحمته وطرده من جواره (٤).

«٩» فإن قيل: فما وجه ما ذكرته في «كتاب التبصرة» أن خلفا (٥) روى عن


(١) تفسير ابن كثير ١/ ١٢، ومجالس ثعلب ٣٠٢، وبأشبع منه في إيضاح الوقف والابتداء ٥١١، والقرطبي ١/ ٨٦، والنشر ١/ ٢٥٧
(٢) لفظ «وما» سقط من: ص.
(٣) وعلى الاول ابن قتيبة انظر تفسير غريب القرآن ٢٣، والقاموس المحيط «شاط، شطن».
(٤) وفيه وجوه أخر تستفاد من مادة «رجم» في القاموس المحيط.
(٥) هو خلف بن هشام، أحد القراء العشرة، وأحد الرواة عن سليم عن حمزة الزيات ويعقوب. وثقه ابن معين والنسائي (ت ٢٩٩ هـ) ترجم في طبقات ابن سعد ٧/ ٣٤٨، والجرح والتعديل ٢/ ٣٧٢/١، وطبقات القراء ١/ ٢٧٢