«١٤» قوله: ﴿أَمَّنْ لا يَهِدِّي﴾ قرأ ابن كثير وابن عامر وورش بفتح الياء والهاء، وتشديد الدال، وكذلك قرأ أبو عمرو وقالون، غير أنهما اختلسا فتحة الهاء، وقرأ حمزة والكسائي بفتح الياء، وإسكان الهاء والتخفيف.
وقرأ حفص بفتح الياء، وكسر الهاء، والتشديد، وكذلك قرأ أبو بكر، غير أنه كسر الياء مع كسر الهاء.
وحجة من شدّده أنه بناه على «اهتدى يهتدي»، ثم ادغم التاء في الدال، بعد أن ألقى حركتها على الهاء، ففتحها، وفي هذه القراءة مبالغة في ذم الكفار وآلهتهم أنها لا تهتدي في أنفسها، إلا أن تهدى، وهذه غاية النقص والضعف، والمعنى: أفمن يهدي غيره إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهتدي في نفسه إلا أن يهدى، فهي إذا كانت لا تهتدي إلى نفع أنفسها أحرى أن لا تهدي أحدا إلى شيء. وإنما جاز أن يخبر عنها بأنها تهتدي إذا هديت، وهي موات، لأنهم عبدوها فأقاموها مقام من يعقل، فعبّر عنها كما يعبر عمّن يعقل، على مذهبهم فيها، أي: لو كانت ممّن يعقل لم تهتد إلا أن تهدى، وهي في المعنى لا تهتدي وإن هديت، لأنها حجارة.
«١٥» وحجة من أسكن الهاء وخفّف أنه بناه على «هدى يهدي غيره»، فالمفعول مضمر قام مقام الفاعل، ومعنى «إلا أن يهدي»، أي: إلا أن يهدى فلا يهتدي.
«١٦» وحجة من كسر الهاء أنه لمّا أدغم الياء في الدال لم يلق حركة التاء على الهاء، شبّهه بالحرفين المنفصلين اللذين أدغم الأول في الثاني، ولا تلقى حركة الأول على ما قبله، بل تحذف، نحو إدغام أبي عمرو: ﴿يَجْعَلْ﴾
(١) راجع السورة المذكورة، الفقرة «٥٩»، وانظر زاد المسير ٤/ ٢٧، وتفسير ابن كثير ٢/ ٤١٦، وتفسير النسفي ٢/ ١٦٢، والكشف في نكت المعاني والإعراب ٦٥ /ب