للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٣٤» وحجة من مدّ أنه جعله اسم فاعل من باب المجيء أيضا.

فالمعنى: وكل جائيوه، وأصله «آتيوه» مثل «فاعلوه» فلمّا انضمت الياء، وقبلها كسرة، استثقل ذلك فيها، وألقيت حركة الياء على التاء، وحذفت كسرة التاء، فاجتمع ساكنان الياء والواو بعدها فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، وبقيت حركتها تدل عليها، وقيل: بل أسكنت الياء تخفيفا، وحذفت لالتقاء الساكنين، وضمّت التاء لتصحّ الواو التي للجمع، إذ ليس في كلام العرب واو ساكنة، قبلها كسرة، وحذفت النون للإضافة، والهاء في هذه القراءة في موضع خفض، لإضافة اسم الفاعل إليها، وهو الاختيار. لأن الجماعة عليه، فإن قيل: فهلا كان في قراءة من مدّ فعلا مستقبلا مثل «أنا آتيك به»؟ فالجواب أن الهمزة في «أفعل» أبدا تكون للاستقبال، إذا كان الفعل للمخبر عن نفسه، وقوله «وكل أتوه» ليس هو المخبر عن نفسه، إنما هو خبر عن غيّب، فلا يحسن فيه أن تكون الهمزة للاستقبال، وقوله:

(أنا آتيك) إنما جاز أن تكون الهمزة فيه للاستقبال، وأن يكون (١) فعلا مستقبلا لأنه فعل للمخبر عن نفسه، فاعلمه. فأما قوله تعالى: ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً﴾ «مريم ٩٥» فهو فاعل من المجيء، وأصله «آتيه» على وزن «فاعله» فلما انضمت الياء، وقبلها كسرة، ثقل ذلك، فأسكنت استخفافا، فالهاء في موضع خفض، لإضافة اسم الفاعل إليها، ومثله في العلة والحذف قوله: ﴿إِلاّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً﴾ «مريم ٩٣»، إلا أنّ الياء في «آتي الرحمن» حذفت في اللفظ في الوصل لسكونها وسكون اللام بعدها، فالوقف عليه بالياء، لأنه الأصل، ولأن الياء ثابتة في الخط، فأما قوله تعالى:

﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ﴾ «النمل ٣٩» في الموضعين، في هذه السورة، فيحتمل الوجهين، وذلك أن يكون اسما، وزنه «فاعل» فتكون الهمزة أصلية، والألف بعدها زائدة، والكاف في موضع خفض، لإضافة اسم الفاعل إليها، والفاعل مضمر في اسم الفاعل، وهو المخبر عن نفسه، والوجه الثاني أن يكون


(١) ص: «وان يكن».