وقراءة نافع متواترة وليس أدل على تواترها من أنه تلقاها عن سبعين من التابعين وهي متواترة في جميع الطبقات.
تصدى للإقراء والتعليم أكثر من سبعين سنة وروي عنه أنه كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك فقيل له أتتطيب كلما قعدت تقرئ الناس؟ فقال: إني لا أقرب الطيب ولا أمسه ولكن رأيت فيما يرى النائم أن النبي ﷺ يقرأ في فيّ فمن ذلك الوقت يشم من فمي رائحة المسك.
وقيل له: ما أصبح وجهك وأحسن خلقك فقال: كيف وقد صافحني رسول الله ﷺ.
وكان زاهدا جوادا صلى في مسجد رسول الله ﷺ ستين سنة.
قيل: لما حضرته الوفاة قال له أبناؤه: أوصنا، فقال لهم:
﴿اتّقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مّؤمنين﴾.
وكان مولده في حدود سنة سبعين من الهجرة وكانت وفاته سنة تسع وستين ومائة على الصحيح وروى عنه القراءة سماعا وعرضا طوائف لا يتأتى لها عدد، منهم الإمام مالك بن أنس والليث بن سعد وأبو عمرو بن العلاء والمسيبي وعيسى ابن وردان (١).
وأشهر الرواة عنه اثنان قالون وورش وستأتي ترجمة كل منهما:
[قالون]
هو عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى لقبه نافع بقالون وهو بالرومية جيد، كان إمام المدينة ونحويها وكان أصم لا يسمع البوق وإذا قرئ عليه القرآن يسمعه،.
(١) «تاريخ القراء» ٧ وما بعدها - «البدور الزاهرة» ٧ وما بعدها، «شرح طيبة النشر» للنويري (١٨٦/ ١ وما بعدها)