المتحركين المثلين أو المتقاربين أو المشتركين فعلى ما قررت معرفته، وهو أن لا يكون الأول منهما تاء الخطاب من كلمة أو كلمتين إذا سكن ما قبل الأول منهما، وليس بحرف لين نحو: ﴿لعلّكم تتفكّرون﴾ [البقرة: ٢٦٦]، و ﴿كدتّ تركن﴾ [الإسراء: ٧٤] و ﴿كنت تقيّا﴾ [مريم: ١٨]، أو يكون مشددا نحو: ﴿مسّ سقر﴾ [القمر: ٤٨]، أو يفصل بينهما التنوين نحو:
﴿رّزقا قالوا﴾ [البقرة: ٢٥] و ﴿جنّات تجري﴾ [المائدة: ٨٥]، أو ناقصا نحو:
﴿يك كاذبا﴾ [غافر: ٢٨]، أو يكون الأول من الحرفين حرف علّة وما قبله منه، نحو: ﴿آمنوا وعملوا﴾ [العنكبوت: ٥٨] و ﴿في يوسف﴾ [يوسف: ٧] فإن ذلك كله ممتنع في الإدغام لعلل، وليس هذا كتاب علل، وإنما الغرض به الاختصار حسب ما التمست، نفعنا الله وإياك.
فإذا ثبت ذلك فأنا الآن أشرع في ذكر مخارج الحروف وأصنافها لأن بذلك تتم الفائدة ويحصل الغرض فيما يفسّر، فيعرف بذلك المتقارب من المتباعد، وأبدأ بعد تقدمة ذكر المخارج وأصنافها بذكر المثلين على حروف المعجم، ثم أتبع ذلك بالحروف المشاركة في المخرج والمتقاربة وأجعلها على خمسة أقسام، فتحيط إن شاء الله تعالى معرفة بباب الإدغام، ثم أذكر خلاف الناس في إدغام الحروف التي لا حركة فيها، وإدغام النون والتنوين الساكنين عند حروف (يرملون)، وإظهارهما عند حروف الحلق، وإخفائهما عند ما بقي من الحروف.
والإخفاء: رتبة بين الإدغام والإظهار، إذ لا غناء لأحد من القراء عن تقدمة معرفة ذلك إذ لا يحسن جهله، وبالله أستعين وعليه أتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل.