للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


= قال ابن رجب: ومنها في حديث "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليرقه"، وقد خرّجه مسلم. وذكر الأثرم أيضا عن أحمد أنه أنكر حديثا فقيل له: رواه علي بن مسهر؟ فقال: إنَّ علي بن مسهر كانت كتبه قد ذهبت فكتب بعد، فإن كان روى هذا غيره، وإلا فليس بشيء يُعتمد". شرح العلل (٢/ ٧٥٥).
لذا قال عنه الحافظ: "ثقة له غرائب بعد أن أضر". التقريب (رقم: ٤٨٠٠).
وهذا من غرائبه ومفاريده كما قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى.
وقال حمزة الكناني: "لم يروها غير علي بن مسهر، وهي غير محفوظة". طرح التثريب (٢/ ١٢١).
وقال ابن منده: "لا تُعرف عن النبي بوجه من الوجوه إلا عن علي بن مسهر بهذا الإسناد". الفتح (١/ ٣٣١، ٣٣١).
وقال ابن عبد البر: "أما هذا اللفظ في حديث الأعمش "فليهرقه" فلم يذكره أصحاب الأعمش الثقات الحفاظ مثل شعبة وغيره". التمهيد (١٨/ ٢٧٣).
وذهب الحافظ العراقي إلى تقوية رواية علي بن مسهر فقال: "وهذا غير قادح فيه، فإن زيادة الثقة مقبولة عند أكثر العلماء من الفقهاء والأصوليين والمحدّثين، وعلي بن مسهر قد وثّقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والعجلي وغيرهم، وهو أحد الحفاظ الذين احتجّ بهم الشيخان، وما علمت أحدا تكلّم فيه فلا يضره تفرّده به". طرح التثريب (٢/ ١٢١).
وهذا الكلام يردة ما قبله، وكلامُ الإمام أحمد في علي بن مسهر، والصواب أنَّها لفظة شاذة، والله أعلم. وقد ورد ذكر الإراقة في حديث مرفوع، أخرجه ابن عدي في الكامل (٢/ ٣٦٦) من طريق الحسين بن علي الكرابيسي عن إسحاق الأزرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة به.
والرواية منكرة تفرّد بها الكرابيسي، وخالفه ثقتان من أصحاب إسحاق الأزرق، عمر بن شبة عند ابن عدي في الكامل (٢/ ٣٦٦)، وسعدان بن نصر عند الدارقطني في السنن (١/ ٦٦) كلاهما عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة موقوفًا من قوله.
وأخرجه الدارقطني في السنن (١/ ٦٦) من طريق أسباط بن محمد ومحمد بن فضيل كلاهما عن عبد الملك به موقوفا من قول أبي هريرة وفعله.
وذكر ابن الجوزي طريق الكرابيسي، ثم قال: "هذا الحديث لا يصح، لم يرفعه عن إسحاق غير الكرابيسي، وهو ممّن لا يحتجُّ بحديثه، وأصل هذا الحديث أنَّه موقوف". العلل المتناهية (١/ ٣٣٣).
وبهذا يظهر أنَّ ذكر الإراقة إنما جاء عن أبي هريرة موقوفًا، والمرفوع شاذٌّ منكر، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>