للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى عن ابن عباس أيضًا أنَّه قال: "أهلّ بعمرة"، خرجه مسلم (١).

وقال أنس: "سمعت النبي يلبّي بالعمرة والحج جميعًا يقول: لبيك عمرة وحجا" (٢).

وهذه الروايات كلها غير متعارضة، لأنَّ زيادة العدل مقبولة، ومن لبّى بالحج والعمرة معا فقد لبّى بكل واحد منهما، ويمكن سماع أحد اللفظين دون الآخر (٣).

وأما قول عائشة ههنا: "فيمن أهلّ بالحج، أو جمع الحج والعمرة أنهم لم يحلوا"، فليس على عمومه، وإنما عنت من كان معه هدي، فأهلّ بذلك بعد أن أمر النبي أصحاب الهدي أن لا يحلوا (٤)، وأما


= باب وجوه الإحرام (٢/ ٨٨٢، ٨٨٤) (رقم: ١٣٨، ١٤٢) من حديث جابر أنَّه قال: خرجنا مع رسول الله مهلّين بالحج.
(١) انظر: صحيح مسلم (٢/ ٩٠٩) (رقم: ١٩٦).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (٢/ ٩٠٥) (رقم: ١٨٥).
(٣) المقصود بزيادة العدل هنا رواية أنس: "سمعت النبي يلبّي بالعمرة والحج جميعًا"، فإنَّه زاد على عائشة وابن عباس العمرة، وعلى رواية ابن عباس الأخرى الحج، وهذا من باب زيادة بعض الصحابة على صحابي آخر، ولا خلاف في قبولها، وأما إذا كانت الزيادة من غير الصحابي فتُقبل إذا كان راويها عدلا حافظًا متقنا ضابطا حيث يستوي مع من زاد عليهم في ذلك، فإن كانوا أكثر عددا منه أو كان فيهم من هو أحفظ منه، فإن زيادته لا تُقبل، قال الحافظ: هذا حاصل كلام الأئمة. انظره في النكت له (٢/ ٦٩٠، ٦٩١ - ٦٩٢).
وممن ذكر هذين الوجهين في الجمع بين الروايات مضيفا إليهما وجوها أخرى ابن العربي وأبو زرعة العراقي انظر: القبس (٢/ ٥٥٨ - ٥٥٩)، وطرح التثريب (٥/ ٢٠ - ٢٢).
(٤) تقدَّم ذلك (برقم: ٤٩٣)، من حديث القاسم بن محمَّد عن عمّته عائشة أنها قالت: "خرجنا مع رسول الله عام حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثمَّ قال رسول الله : "من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثمَّ لا يحلّ حتى يحلّ منهما جميعًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>