للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مالك فالأشهر عنه ما قدّمناه من رواية الزهري عن عروة وحده، ورواية عروة عن عمرة.

وقد احتجَّ مسلم في صدر كتابه برواية مالك عن الزهري عن عروة، عن عمرة، وكأنه آثر هذا (١).


(١) انظر: صحيح مسلم (١/ ٢٤٤) (رقم: ٦).
قلت: إنما رجّح مسلم هذه الرواية لما كان يرى فيها الاتصال، وفي طريق الليث وغيره الانقطاع لما قرّره في المقدّمة "أن هشاما قد سمع من أبيه، وأن أباه قد سمع من عائشة، لكن قد يجوز أن يكون بين هشام وبين أبيه، وكذا بين أبيه وبين عائشة إنسان آخر، وذكر من أمثلته هذا الحديث فقال: روى هشام عن أبيه عن عائشة قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتكف. . ." فرواها بعينها مالك بن أنس عن الزهري، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". مقدمة صحيح مسلم (ص: ٣١).
لكن ناقشه ابنُ رشيد فقال: "وأما أنت فظهر من فعلك في كتابك أنك لم يصفُ عندك كدر الإشكال في هذا الحديث فأوردت في كتابك حديث مالك مصدِّرا به بناء على اعتقادك فيه الاتصال وفي غيره الانقطاع. . ثمَّ أتبعته باختلاف الرواة فيه على شرطك من أنك لا تكرّر إلا لزيادة معنى أو إسناد يقع إلى جنب إسناد لعلة تكون هناك. . . وقد كفى الإمام أبو عبد الله البخاري مؤونة البحث، وبيّن أنَّه عن عروة مسموع من عائشة، فذكر رواية هشام عن أبيه بإسقاط عمرة من طريق مالك وابن جريج، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، ووقع في رواية ابن جريج من قول عروة: أخبرتني عائشة. . . فهذا نص جليّ على سماع عروة من عائشة، وذلك بخلاف ما اعتقده مسلم رحمه الله من انقطاع رواية من أسقط عمرة من الإسناد فيما بين عروة وعائشة".
ثمَّ قال: "والصحيح عندي في هذا الحديث أنَّه عند ابن شهاب عن عروة وعمرة معا، ولا شك أنَّه عند عروة مسموع من عائشة كما بيّنه البخاري من طريق ابن جريج حيث قال: أخبرتني عائشة، ويؤيّد ذلك أن مالكا رضوان الله عليه قد اختلف عليه في هذا الحديث". السَنَن الأبين (ص: ٩٩ - ١٠٧)، وانظر أيضًا: جامع التحصيل للعلائي (ص: ١٢٩).
وانظر رواية مالك وابن جريج عن هشام، عن عروة، عن عائشة التي أشار إليها ابن رُشيد وعزاها للبخاري في صحيحه كتاب: الحيض، باب: غسل الحائض رأس زوجها (١/ ١١٣) (رقم: ٢٩٥، ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>