للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقدّم لعروة عنها من طريق هشام (١)، وانظره في مسند أم سلمة (٢).

فصل: حمل مالكٌ رحمه الله قولَ عائشة هذا على كراهة القُبَل للصّائم، والتحذير منه وترك التأسي فيه بالرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لعدم التساوي في ملك النفس، وقهرها عمّا عسى أن يدعو القبل إليه من الجماع ونحوه.

وحمله غيره على إباحة القُبل على الإطلاق، وإنكار التورّع عنه بقمع النفس وملكها، وكأنّها قالت: قد كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أملكَ لنفسه، وأتقى لربّه، وأورعَ عن الشُّبهات منكم، فلو كان إثما لكان هو أبعد الناس منه وأولاهم بتركه، وأقدرهم على التنزّه عنه، كما جاء في حديث أم سلمة وغيرها.

وكلا القولين محتمل، ولكل وجه (٣).


= طريق الأسود بن يزيد، ومسلم في الصحيح كتاب: الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته (٢/ ٧٧٦ - ٨٧٨) (رقم: ٦٢ - ٧٣) من طريق عروة، والقاسم، والأسود، وعلقمة، ومسروق، وعمرو بن ميمون، وعلي بن الحسين، كلهم عن عائشة به.
وأورده ابن حزم في المحلى (٤/ ٣٣٨ - ٣٣٩) من طريق عروة وعلقمة عنها ثم قال: وقد رُوِّينا ذلك من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعلي بن الحسين، وعمرو بن ميمون، ومسروق، والأسود، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، كلهم عن عائشة بأسانيد كالذهب.
(١) تقدَّم حديثه (٤/ ٣٤).
(٢) سيأتي حديثها (٤/ ٣١٨).
(٣) اختلف أهل العلم من الصحابة وغيرهم في القبلة للصائم، فكرهها ابن عمر، وابن مسعود، وعروة بن الزبير، وهو المشهور عند المالكية، ورخّص فيها آخرون كعمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة، وبه قال عطاء والشعبي وأحمد وإسحاق، ومنهم من كرهها للشاب دون الشيخ وهو المشهور عن ابن عباس، قال ابن عبد البر: لم يأخذ مالك بقول ابن عباس في ذلك، وذهب فيها مذهب ابن عمر وهو شأنه في الاحتياط، واستحبّها ابن حزم وفرق آخرون بين من يملك نفسه ومن لا يملك، وهو قول الثوري والشافعي.
ولكل وجه كما قال المؤلف. =

<<  <  ج: ص:  >  >>