للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرنا أن عروة لم يقنع بقولهما حتى استكشف بسرة عنه فصدّقتهما وأخبرته به مشافهة (١).

علي أنّه قد رُوي عن عروة أنه قال في حديث آخر: "أخبرني مروان بن الحكم ولا أخاله يُتهم"، ذَكَر هذا البخاري في التاريخ (٢).


= وقال ابن حجر: "غاية ما يعلل به هذا الحديث أنه من رواية عروة عن مروان عن بسرة، وأن رواية من رواه عن عروة عن بسرة منقطعة، والواسطة بينه وبينها إما مروان وهو مطعون لا عدالته، أو حرسيه وهو مجهول". التلخيص الحبير (١/ ١٣١).
وقال أيضًا: "إنما نقموا عليه أنه رمي طلحة يوم الجمل بسهم فقتله، ثم شهّر السيف في طلب الخلافة حتى جري ما جري". هدي الساري (ص: ٤٦٦).
(١) هذا جواب علي طريق القبول والتسليم، أي لو ثبت أن مروان مطعون في عدالته، وأنه فعل الأفاعيل كما قال الذهبي، فإن جماعة من الثقات الحفاظ رووا هذا الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة. ثم ذكروا في رواياتهم أن عروة قال: ثم لقيت بعد ذلك بسرة فحدّثتني بالحديث عن رسول الله كما حدّثني مروان عنها، فدلّنا ذلك على صحّة الحديث وثبوته على شرط الشيخين كما قال البيهقي، وزال عنه الخلاف والشبهة وثبت سماع عروة من بسرة.
وجاء نحو هذا عن ابن حبان أيضًا حيث قال: عائذ بالله أن نحتجّ بخبر رواه مروان بن الحكم وذووه في شيء من كتبنا … وأما خبر بسرة الذي ذكرناه، فإن عروة بن الزبير سمعه من مروان بن الحكم عن بسرة فلم يقنعه ذلك حتى بعث مروان شرطيًّا له إلي بسرة فسألها، ثم أتاهم فأخبرهم بمثل ما قالت بسرة، فسمعه عروة ثانيًا عن الشرطي، عن بسرة، ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب إلي بسرة فسمع منها، فالخبر عن عروة عن بسرة متصل ليس منقطع، وصار مروان والشرطي كأنهما عاريتان يسقطان من الإسناد. الإحسان (٣/ ٣٩٧).
(٢) انظر: التاريخ الكبير (٧/ ٣٦٨)، وانظر أيضًا العلل للإمام أحمد (٣/ ٢٠٧ - برواية ابنه عبد الله) وتاريخ ابن أبي خيثمة (ص: ٣٥٧) (رقم: ٤٩٩ - رسالة كمال).
قلت: بهذا يجاب عن اعتراض الطحاوي بأن عدم قبول عروة خبر مروان ليس لأن مروان عنده مجروح، بل لأن هذا الخبر لم يكن معلوما لديه مع دواعي نقله، ويدلّ علي ذلك قول عروة: "ما علمت هذا".
ومما يدل علي عدم كون مروان مجروحًا لدي عروة أنه روي عن مروان عدّة أحاديث -كما يذكره المؤلف-، فلو كان مجروحًا لما روي عنه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>