للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان مستفيضًا عند الصحابة إذ كانوا متوافرين، واكتفوا بشهرته عندهم عن نقله، وإنَّما وقع الخلاف فيه بعد أن ذَهب معظمُهم فاحتيج فيه إلى بسرة لتأخُّر وفاتها (١)، ولمّا أخبرتْ به لم يُنكر ذلك عليها أحد من سائر الصحابة (٢).

وأيضًا فإنها كانت تولّت السؤال عما يُضاهيه، فكانت أخصّ به من غيرها.

ورُوي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: دخلت بسرة بنت صفوان على أم سلمة، فدخل النَّبيّ فقالت بسرة: يا نبي الله! المرأة تضرب بيدها على فرجها: قال: "تتوضأ (٣) يا بسرة".


= جدًّا، ومثل هذا من التخليط لا يعارض به سنن رسول الله إلَّا مخذول". المحلى (١/ ٢٢٥).
وقال الكلوذاني: "إذا صحّ الحديث وجب الأخذ به فيما تعم وفيما لا تعم، ولهذا لو روى أبو بكر أو عمر أو عثمان أو عليّ أو ابن مسعود أو غيرهم حديثًا أخذ الصحابة به، ولم يحل برده أحدهم لعموم البلوى". الانتصار في المسائل الكبار (١/ ٣٣١).
وما قاله الكلوذاني هو قول جمهور أهل العلم من الأصوليين والفقهاء والمحدّثين.
وقال اللكنوي: "في ثبوتها (قاعدة رد خبر الواحد فيما تعم به البلوى) نظرٌ). التعليق الممجد (١/ ٢١٥).
انظر: أصول السرخسي (١/ ٣٦٨)، وتيسير التحرير (٣/ ١١٢)، وفواتح الرحموت شرح مسلّم الثبوت مع المستصفى (٢/ ١٢٩)، والإحكام للآمدي (٢/ ١٣٤)، وكشف الأسرار (٣/ ٣٥)، وخبر الواحد وحجيته (ص: ١٧٥، ١٨١).
(١) لم أقف على سنة وفاتها لكن ذكر الحافظ أنها عاشت إلى خلافة معاوية. انظر: تهذيب التهذيب (١٢/ ٤٣٣).
(٢) بل قبلوا حديثها وعملوا به، قال الشافعي: "وحدَّثت بهذا في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون، فلم يدفعه منهم أحد، بل علمنا بعضهم صار إليه عن روايتها منهم: عروة بن الزبير وقد دفغ وأنكر الوضوء من مسّ الذكر قبل أن يسمع الخبر، فلما علم أن بسرة روته قال به وترك قوله، وسمعها ابن عمر تحدث به فلم يزل يتوضأ من مس الذكر حتى مات، وهذه طريقة أهل الفقه والعلم". انظر: معرفة السنن والآثار (١/ ٣٩٥، ٣٩٦)، والاعتبار (ص: ٩٠، ٩١).
(٣) كذا في الأصل، وفي علل الدارقطني: "توضئي يا بسرة" بصيغة الخطاب، والوجهان صحيحان.

<<  <  ج: ص:  >  >>