للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ أبو العباس : وكأنَّ هؤلاء لم يثبت عندهم حديث الوضوء من مسّ الذكر من غير رواية بسرة، ولا صحَّ عندهم سماع عروة منها.

ولو ثبت الحكمان معًا لقُضي بحديث بسرة على حديث طلق ولحمل على النسخ، لأن حديث طلق جارٍ على معهود الأصل وهو الحكم المتقدم، وحديث بسرة حكم طار عليه، ألا ترى أن قوله: "وهل هو إلَّا بضعة منك" إنكار على السائل، فلو تقدم الأمر بالوضوء منه لما أنكر السؤال عنه، ولصرّح بنسخه والله أعلم (١).

وقال ابن السكن في صيحه: "يقال: إن حديث بسرة ناسخ لحديث طلق بن علي؛ لأنَّ طلقًا قدم المدينةَ والمسجد يُبنى ثم رجع إلى بلاد قومه، وبسرة ومن تابعها تأخر إسلامهم" (٢).


(١) انظر نحو هذا الكلام لابن حزم في المحلّى (١/ ٢٢٣).
(٢) انظر: الاستذكار (٣/ ٣١).
قال ابن حبان: خبر طلق بن علي الذي ذكرناه خبر منسوخ: لأنّ طلق بن علي كان قدومه على النَّبيّ أول سنة من سني الهجرة، حيث كان المسلمون يبنون مسجدَ رسول الله بالمدينة، وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضوء من مسّ الذَّكر على حسب ما ذكرناه قبل، وأبو هريرة أسلم سنة سبع من الهجرة، فدل ذلك على أنّ خبر أبي هريرة كان بعد خبر طلق بن علي بسبع سنين. الإحسان (٣/ ٤٠٥).
وهذا الذي نقله المصنف عن ابن السكن، وذكرتُه عن ابن حبان هو ما قرّره أيضًا ابن حزم في المحلى (١/ ٢٢٣)، والكلوذاني في الانتصار (١/ ٣٣٥)، والبغوي في شرح السنة (١/ ٢٦٤)، وابن العربي في العارضة (١/ ١١٨)، وابن شداد في دلائل الأحكام (١/ ١٠٣)، والجعبري في رسوخ الأخبار (ص: ١٩٤)، وابن القيم في تهذيب السنن (١/ ١٣٥)، وغيرهم.
واستندوا في ذلك بما رواه الدارقطني في السنن (١/ ١٤٨ - ١٤٩)، وابن حبان في صحيحه =

<<  <  ج: ص:  >  >>