للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقدّم قول ابن عبد البر: "وأما ابن وضاح فإنَّه أصلحها ورواها الناس عنه على الإصلاح".

قلت: إصلاحه لرواية يحيى كان موفَّقا في بعض المواطن دون بعض، وقد كره العلماء التصحيح دون تنبيه، وكان من شأن الحذّاق التنبيه على الوهم بالتضبيب لا بإصلاحه وحذف ما سواه.

قال القاضي عياض: "الذي استمر عليه عمل أكثر الأشياخ نقل الرواية كما وصلت إليهم وحمعوها، ولا يغيّرونها من كتبهم، حتى أطردوا ذلك في كلمات من القرآن استمرت الرواية في الكتب عليها بخلاف التلاوة المجمع عليها، ولم يجئ في الشاذ من ذلك في الموطأ والصحيحين وغيرها حماية للباب، لكن أهل المعرفة منهم ينبهون على خطئها عند السماع والقراءة وفي حواشي الكتب، ويقرؤون ما في الأصول على ما بلغهم.

ومنهم من يجسر على الإصلاح، وكان أجرأَهم على هذا من المتأخرين القاضي أبو الوليد هشام بن أحمد الكناني الوَقَّشي، فإنَّه لكثرة مطالعته وتفننه، كان في الأدب واللغة وأخبار الناس وأسماء الرجال وأنسابهم وثقوب فهمه وحدّة ذهنه، جسر على الإصلاح كثيرا، وربّما نبّه على وجه الصواب، لكنه ربما وهم وغلط في أشياء من ذلك، وتحكَّم فيها بما ظهر له أو بما رآه في حديث آخر، وربما كان الذي أصلحه صوابًا، وربما غلط فيه وأصلح الصواب بالخطأ، وقد وقفنا له من ذلك في الصحيحين والسير وغيرها على أشياء كثيرة، وكذلك لغيره ممن سلك هذا المسلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>