للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبيب كاتب الليث، وهو شر عرض، كان يقرأ علي مالك خطوط الناس، ويصفح ورقتين، ثلاثة".

وقال مسلمة بن قاسم: "تُكلم فيه؛ لأنَّ سماعه من مالك كان بعرض حبيب" (١).

وهذا التحامل من ابن معين إنَّما هو من تشدُّده، وأما ما ذكره ابن محرز عنه من خطأ ابن بكير في أثر فهو يخطئ كما يخطئ غيره من الثقات، وأمَّا كون سماعه كان بعرض حبيب فقد ردَّ ذلك القاضي عياض فقال: "وهذه الحكاية (أي عن ابن معين) باطلة الأصل، والله أعلم؛ لأنَّ مالكًا ومن حضره لم يصح جواز مثل هذا عليهم لحفظهم حديث الموطأ، وقد أنكر هذا بعض أصحاب مالك الجلَّة، وقال: إنَّما كانت عرضتنا علي مالك ورقتين من الموطأ، فكيف يصح هذا؟! " (٢).

قلت: وممَّا يدلُّ علي صحة قول القاضي عياض أنَّ المتصفِّحَ لرواية ابن بكير يجدها متفقة في الغالب مع روايات غيره في ذكر الكتب والأبواب والأحاديث، فلو صح ما ذُكر عن ابن معين لوُجد ما يبيّن ذلك من نقص أو اختلاف بين الروايات الأخري.

ثمَّ إنَّ هذا الكلام فيه قدحٌ في الإمام مالك، فكأنَّه لا يدري ما يُقرأ عليه، وهو الحافظ الناقد المتيقّظ، ثمَّ إنَّ حوله أصحابًا يحفظون الموطأ، فلو غَيّر حبيبٌ شيئًا منه لتنبّه الشيخُ وفطن التلاميذُ، والله أعلم بالصواب.


(١) تهذيب التهذيب (١١/ ٢٠٨، ٢٠٩).
(٢) ترتيب المدارك (٣/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>