وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٣٠٩) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، وفيه قول أبي صالح: "فسافرت إلى الكوفة، ثم رجعت، فإذا أبو هريرة يتنقص: "لا عدوى" لا يذكرها، فقلت: "لا عدوى"، فقال: "أبيتُ". قال القرطبي: "أما سكوت أبي هريرة عن قوله: "لا عدوى" وإيراد الحديث من غير: "لا يورد ممرض على مصح" بعد أن حدّث بمجموعهما، فلا يصح أن يكون من باب النسخ كما قدره أبو سلمة بن عبد الرحمن؛ لأنَّهما لا تعارض بينهما، إذ الجمع صحيح كما قدّمناه … إلى أن قال: وعلى هذا، فسكوت أبي هريرة يحتمل أوجهًا: - أحدها: النسيان المتقدِّم كما قال أبو سلمة. - الثاني: أنَّهما لما كانا خبرين متغايرين لا ملازمة بينهما جاز للمحدّث أن يحدّث بأحدهما، ويسكت عن الآخر حسبما تدعو إليه الحاجة الحالية. - ثالثها: أن يكون خاف اعتقاد جاهل يظنهما متناقضين، فسكت عن أحدهما حتى إذا أمن من ذلك حدّث بهما جميعًا. - ورابعها: أن يكون حمله على ذلك وجه غير ما ذكرناه، لم يُطلع عليه أحدًا، وعلى الجملة فكلُّ ذلك محتمل، غير أن الذي يُقطع بنفيه النسخ على ما قرَّرناه"، المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم (٥/ ٦٢٥ - ٦٢٦). وذكر ابن حجر أيضًا قول أبي سلمة: "فلا أدري أنسي أبو هريرة"، وقال: "إنَّ دعوى النسخ مردودة؛ لأنَّ النسخ لا يُصار إليه بالاحتمال مع إمكان الجمع". فتح الباري (١٠/ ٢٥٣).