للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


= وقالوا فيه: "فيذهب الذاهب إلى العوالي"، ولم يقل أحد منهم إلى قباء منهم: صالح بن كيسان وعمرو بن الحارث وشعيب ويونس وعقيل ومعمر والليث بن سعد وابن أبي ذئب وإبراهيم بن أبي عبلة وابن أخي الزهري والنعمان بن راشد وأبو أويس وعبد الرحمن بن إسحاق". الأحاديث التي خولف فيها مالك (ص: ٦٣).
ورواية ابن أبي ذئب بذكر العوالي عند أحمد في المسند (٣/ ٢١٤، ٢١٧)، والدارمي في السنن (١/ ٢٩٧) (رقم: ١٢٠٨)، والبيهقي في معرفة السنن (١/ ٤٥٧) (رقم: ٦١٣) وابن حبان في صحيحه (الإحسان) (٣٨٥/ ٤) (رقم: ١٥١٨).
وجاءت عن ابن أبي ذئب رواية وافق فيها الإمام مالكًا في قوله: "إلى قباء"، وهي التي أشار إليها الباجي حكاية عن الدارقطني، أخرجها البيهقي في معرفة السنن (١/ ٤٥٧) قال: قال الشافعي في القديم: أخبرنا أبو صفوان بن سعيد بن عبد الملك بن مروان عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب به، وفيه: "إلى قباء". اهـ.
قلت: وأبو صفوان اسمه عبد الله وهو ثقة إلّا أنَّه خالف جمعًا من الرواة عن ابن أبي ذئب وهم: حماد بن خالد وعبد الملك بن عمرو عند أحمد وعبيد الله بن موسى عند الدارمي، وعبيد الله بن عبد المجيد الحنفي عند ابن حبان ومحمد بن إسماعيل وأبو داود عند البيهقي. كلهم رووه عنه بلفظ: "العوالي"، فالذي يظهر أنَّ الصحيح عن ابن أبي ذئب ما وافق فيه الجماعة والله أعلم، ثم إنَّ ابن أبي ذئب تُكلّم في حديثه عن الزهري.
قال عبد الله بن أحمد: سألت يحيى قلت: "أَسَمع ابن أبي ذئب من الزهري شيئا؟ قال: عرض على الزهري، وحديثه عن الزهري ضعيف، ثم قال: يضعفونـ[ــه] في الزهري".
وقال يعقوب بن شيبة: "ابن أبي ذئب ثقة، وروايته عن الزهري خاصة فيها شيء". انظر: العلل للإمام أحمد (٣/ ٢٢ - رواية عبد الله-)، شرح العلل لابن رجب (٢/ ٦٧٣، ٦٧٥).
وأشار الخطيب البغدادي بصيغة التمريض إلى موافقة أبي أويس لمالك فقال: "ويقال: إنَّه لم يروه أحد هكذا وقال فيه: إلى قباء، سوى مالك وأبو أويس عبد الله بن عبد الله، والناس بعد يقولون: يذهب الذاهب إلى العوالي". الرواة عن مالك للخطب (ل: ٧/ ب -مختصر العطار-).
وسبق عن الدارقطني ما يفيد أن أبا أويس وافق في روايته الجماعة.
وأما رواية خالد بن مخلد التي أشار إليها ابن حجر فهي شاذة، لمخالفتها سائر الروايات عن مالك، وصرح ابن حجر في الموضع نفسه بشذوذها.
فتحصّل من هذا كلّه أن الإمام مالكًا انفرد بوقف الحديث وقوله فيه: "إلى قباء"، ولا يلزم من هذا توهيمه، وسيأتي تقرير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>