المذهب الثاني: - وممن أثبت له سماعًا الإمام أحمد، قال أبو طالب: "قلت لأحمد بن حنبل: سعيد بن المسيب؟ قال: ومن كان مثل سعيد بن المسيب؟ ثقة من أهل الخير. قلت: سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟! ". الجرح والتعديل (٤/ ٦١). وقال ابن عبد البر: "كان علي بن المديني يصحح سماعه من عمر". التمهيد (٢٣/ ٩٤). وأخرج البخاري في صحيحه حديث سعيد عن عمر كما في الحديث (رقم: ٤٤٥٤). وقال أبو داود في التفرد: "هو محمول على الاتصال"، كما حكاه المصنف عنه. وقال الحاكم: "فأما سماع سعيد من عمر فمختلف فيه، وأكثر أئمتنا على أنه قد سمع منه، وهذه ترجمة معروفة في المسانيد". المستدرك (١/ ١٢٦). وصرح في معرفة العلوم (ص: ٢٥) بإدراك سعيد لعمر وسماعه منه. وقال النووي: "قد رأى عمر وسمع منه". تهذيب الأسماء (١/ ٢١٩). هذه بعض أقوال من أنكر ومن أثبت لسعيد سماعا من عمر، والذي يظهر والله أعلم بالصواب أن سعيدا أدرك عمر ورآه وسمع منه بعض الشيء لثبوت ذلك عنه بالأسانيد الصحيحة وإن كان لم يسمع كل ما رواه عنه إلا أنه كان يتتبّع أقضية عمر وأحكامه وكان يسمى لذلك راوية عمر كما جاء ذلك عن الإمام مالك ويحيى بن سعيد الأنصاري. انظر: المعرفة والتاريخ (١/ ٤٧٠)، وطبقات ابن سعد (٥/ ٩٠، ٩١). فهذا ما جعل الأئمة يقبلون أحاديث سعيد عن عمر وحملوها على الاتصال كما قال أبو داود وأبو حاتم. وهذا ما رجّحه ابن رجب الحنبلي فقال بعد ذكر كلام أحمد السابق: (ومراده -أي الإمام أحمد- أنه سمع منه شيئا يسيرًا، لم يُرد أنه سمع منه كل ما روى عنه، فإنه كثير الرواية عنه، ولم يسمع ذلك كله منه قطعًا". شرح العلل (١/ ٥٥٢). فالحاصل من هذا كله أن حديث مالك في الموطأ يتصل من طريق ابن عيينة وغيره عن الزهري عن سعيد عن عمر، والله تعالى أعلم. (١) الإلزامات (ص: ١٤٧). ولا يلزمهما ذلك للاختلاف السابق في سماع ابن المسيب من عمر، والله أعلم.