وأخرج مسلم الحديثين في صحيحه. وجزم ابن حزم بأن الحديث مرفوع إلى النبي ﷺ، وما ورد في ذلك من قول قتادة فهو من فتياه ولا منافاة بينهما. انظر: المحلى (٨/ ١٨٥). وهذا الذي رجّحه ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (٤/ ٢٦٠). وأبى ذلك آخرون وقالوا إن ذكر الاستسعاء فيه من قول قتادة، منهم الإمام الشافعي حيث ضعّف هذه الرواية كما في السنن الكبرى للبيهقي (١٠/ ٢٨١). وضعّفها أيضًا الإمام أحمد كما في المغني (١٤/ ٣٥١) والفتح (٥/ ١٨٧). وقال الحاكم: "حديث العتق ثابت صحيح، وذكر الاستسعاء فيه من قول قتادة وقد وهم من أدرجه في كلام رسول الله ﷺ". علوم الحديث (ص: ٤٠). وكذا الإسماعيلي وابن المنذر والخطابي ذكروا أن الاستسعاء مدرج في الحديث. انظر: معالم السنن (٥/ ٣٩٦ - مع مختصر المنذري-)، السنن الكبرى (١٠/ ٢٨٢)، الفتح (٥/ ١٨٧). وقال أبو بكر النيسابوري: "ما أحسن ما رواه همام وضبطه، وفصل بين قول النبي ﷺ وبين قول قتادة". سنن الدارقطني (٤/ ١٢٧). وقال الدارقطني: "ورواه ابن أبي عروبة وجرير بن حازم عن قتادة فجعلَا الاستسعاء من قول النبي ﷺ وأحسبهما وهِما فيه لمخالفة شعبة وهشام وهمام إياهما". السنن (٤/ ١٢٦). وقال أيضًا: "وأما همام فتابع شعبةَ وهشامًا على متنه وجعل الاستسعاء من قول قتادة وفصل بين كلام النبي ﷺ، ويشبه أن يكون همام قد حفظه". العلل (١٠/ ٣١٧)، وانظر: التتبع (ص: ٢٠٦). وواففه أبو مسعود الدمشقي في أجوبته على ما أشكل الدارقطني، وقال: "حديث همام حسن، وعندي أنّه لم يقع للبخاري ولا لمسلم أيضًا، ولو وقع لحكما بقوله". الأجوبة (ص: ١٦٨). وهذا ما رجّحه أيضًا ابن عبد البر وغيره. انظر: السنن الكبرى للبيهقي (١٠/ ٢٨١ - ٢٨٤)، التمهيد (١٤/ ٢٧٦)، طرح التتريب (٦/ ٢٠٢ - ٢٠٦). والذي يظهر والله أعلم أن ذكرَ الاستسعاء محفوظٌ من قول النبي ﷺ لوجوه: ١ - إخراج البخاري ومسلم له مرفوعًا، قال ابن دقيق العيد: "أخرجه الشيخان لا صحيحيهما وحسبك بذلك، فقد قالوا: إنه أعلى درجات الصحيح". إحكام الأحكام (٤/ ٢٦٠). ٢ - أنَّ سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته. قال ابن معين: "أثبت الناس في قتادة سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي وشعبة". الجرح والتعديل (٤/ ٦٥). =