للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَأسَّوا بالصحابةِ والتابعين وسائِرِ الأئمَّةِ المهتدِين الذين سلَّمُوا فسَلِمُوا، وكَفُّوا فعُصِموا، ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

قال الوليدُ بنُ مسلم: سألنا الأوزاعي وسفيانَ الثوري ومالكَ بنَ أنس واللّيثَ بنَ سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت في الصفات؟ فكلُّهم قال: "أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف"، وهكذا حَكى الأوزاعيُّ عن مكحولٍ والزهريِّ أنَّهما قالا: "أمِرُّوا الأحاديثَ كما جاءت"، وحكى الترمذيُّ عن مالكٍ، وسفيانَ بنِ عيينة، وعبد الله بن المبارك، أنّهم قالوا: "أمِرُّوها بلا كيف"، وجاء نحوُ هذا عن الشافعي وغيره.

وقيل لمالك: يا أبا عبد الله! ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)﴾ كيف استَوَى؟ فعَلَاه الرُّحَضاءُ ثم سُرِّيَ عنه فقال: "الاستواءُ غيرُ مجهول، والكَيْفُ غيرُ معقول، والإيمان به واجبٌ، والسؤالُ عنه بدعةٌ، والكلامُ فيه ضَلَالَةٌ".

وقال الأوزاعيُّ لِمَن أوصاه: "اصْبِرْ نفسَك على السُّنَّة، وقِفْ حيثُ وقَفَ القومُ، وقُلْ فيما قالوا، وكُفَّ عمَّا كَفُّوا، واسلُكْ سبيلَ سلَفِك الصالح، فإنَّك يَسَعُكَ ما يَسَعُهم".

وهذا هو الاعتقادُ السليمُ والمنهجُ القويمُ، وهو الذي كان عليه السلفُ القديمُ، وكفى بالصحابَةِ رضوان الله عليهم، فَهُمْ القدوةُ، ولنا فيهم أُسْوَةٌ، لَم يبلغْنا أن أحدًا منهم خاضَ في مِثلِ هذا بنوعٍ مِن الجدالِ أو التأويلِ، ولا أنه أباح فيه تَصرّفَ القالِ والقيل، ولَهُم كانواَ أَولَى بالبيان وأَعلَمَ بالسُّنّةِ وباللِّسانِ، وأجدَرَ بتحصينِ قواعِدِ الإيمانِ، فحَسْبُنا أن نتأسّى بهم ونهتَدِيَ بهَديهِم، وأن يُعلَم أنَّ صفاتَ الرَّبِّ سبحانه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>