للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه قولُه: "أنتَ آدمُ الذي أغويتَ الناسَ، وأخرجتَهم من الجَنّةِ"، وقولُ آدم: "أَفَتَلُومُنِي على أَمرٍ قد قُدِّرَ عَليَّ قبلَ أنْ أُخْلَقَ".

قال المصنِّف: "خَرَجَ اللَّومُ على مآلِ الذنْبِ، فلِذلك احتجَّ آدمُ بالقدَرِ الذي هو فِعلُ الله سبحانه" (١).

وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : "فآدم إنَّما حجَّ موسى؛ لأنَّ موسى لامه على ما فعل لأجل ما حصل لهم من المصيبة بسبب أكله من الشجرة، لم يكن لومه له لأجل حق الله في الذنب، فإنَّ آدم كان قد تاب من الذنب، كما قال تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢)﴾، وموسى -ومن هو دون موسى يعلم أنّه بعد التوبة والمغفرة لا يبقى ملام على الذنب، وآدم أعلم بالله من أن يحتجَّ بالقدر على الذنب، وموسى أعلم بالله تعالى من أن يقبل هذه الحجّة، فإنَّ هذه لو كانت حجّة على الذنب لكانت حجّة لإبليس عدوّ آدم، وحجّة لفرعون عدوّ موسى، وحجّة لكلِّ كافر فاجر، وبطل أمر الله ونهيه، بل إنَّما كان القدر حجّة لآدم على موسى؛ لأنّه لام غيره لأجل المصيبة التي حصلت له بفعل ذلك، وتلك المصيبة كانت مكتوبة عليه ..

ثم أورد شيخ الإسلام الآيات والأحاديث الدالة أنَّ المصيبة تكون بإذن الله وقدره، ثم قال: فهذا سبيل الذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصّديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، وهذا واجب فيما قدر من


(١) انظر: (٣/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>