للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاعلَ لذلك، واعتقَدوا أنه الدَّهرُ كقولِهم: ﴿وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾، فأخبَرَ النبي أن الله سبحانه هو الفاعِلُ لذلكَ، الذي تُسمُّونَه الدَّهرَ جهلًا وإِلحادًا، فكأنّه يقول: لا تَسبُّوا الدَّهرَ لفعلِ يظهرُ فيه تأسِيًا بأهلِ الجاهلية، فإن السَّبَّ يعود إلى الفاعِلِ بمقتضَى المَقصِدِ المذكورِ، والفاعلُ هو الله سبحانه، أيْ أنَّ الله هو المعني بهذا الاسمِ في هذه الحالِ، لا أنه يقعُ عليه حقيقةً" (١).

وما ذكره المصنِّف هو اعتقاد السلف ، وأنَّهم لا يذكرون اسم الدهر من أسمائه الحسنى سبحانه، قال الحافظ ابن كثير : "قال الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما من الأئمة في تفسير قوله : "لا تسبّوا الدهر فإنَّ الله هو الدهر": كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدّة وبلاء أو نكبة قالوا: يا خيبة الدهر، فيُسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبّونه، وإنَّما فاعلها هو الله، فكأنهم سبّوا الله ﷿؛ لأنَّه فاعل ذلك على الحقيقة، فلهذا نهى عن سبِّ الدهر بهذا الاعتبار؛ لأنَّ الله هو الدهر الذي يعنونه ويُسندون إليه تلك الأفعال، هذا أحسن ما قيل في تفسيره وهو المراد، والله أعلم، وقد غلط ابن حزم ومن نحا نحوه من الظاهرية في عدِّهم الدهر من الأسماء الحسنى أخذًا من هذا الحديث" (٢).

المسألة السادسة: إثبات القدر وأنَّه من فعل الله سبحانه.

ذكر المصنف حديث: "تحاجَّ آدمُ وموسى، فحَجَّ آدمُ موسَى … "،


(١) انظر: (٣/ ٣٩٦).
(٢) تفسير ابن كثير (٤/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>