للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسولُ - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا تَختلِفُ الأديان والمِلَلُ.

وأمَّا الإقرارُ الأوّلُ فعامٌّ، قال الله سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، روى عِياضُ بنُ حمارٍ المُجاشِعي أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذاتَ يومٍ في خطبتِه: "ألاَ إن ربي أمرَنِي أن أعَلِّمكم ما جَهِلتُم مِمَّا علَّمَنِي يومِي هذا، أَنِّي خلقتُ عبادِي حُنفاءَ كلَّهم، وأنَّهم أَتتْهم الشياطينُ فاجتَالَتْهم عن دِينهم فحَرَّمتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهم، وأَمَرَتْهم أن يشرِكوا بي ما لَم أنَزِّل به سلطانًا ... ". الحديث خَرَّجه مسلم" (١).

وما ذكره المصنِّف مِن تفسير الفطرة بابتداء الخلق هو أحد الأقوال المحكية عن السلف (٢)، أو بالعهد الذي أخذه الله عزَّ وجلَّ على بني آدم، وهو قول حماد بن سلمة كما أخرجه عنه أبو داود (٣)، وغيره من السلف (٤).

والقول المشهور عن السلف أنَّ المراد بالفطرة هنا هو الإسلام (٥)، وليس المراد أنَّه يولد يعلم الدين، ولكن المراد أنَّ فطرته مقتضية لمعرفة دين


(١) انظر: (٣/ ٣٧٨ - ٣٧٩).
(٢) انظر: التمهيد (١٨/ ٧٨).
(٣) السنن كتاب: السنة، باب: ذراري المشركين (٥/ ٨٩ / رقم: ٤٧١٦).
(٤) انظر: التمهيد (١٨/ ٨٣)، الفتح (٣/ ٢٩٣).
(٥) انظر: التمهيد (١٨/ ٧٢)، تهذيب السنن لابن القيم (٧/ ٨١)، الفتح (٣/ ٢٩٢).
تنبيه: لم يرتض ابن عبد البر القول بأنَّ معنى الفطرة الإسلام، خلافا لما يشير إليه كلام الحافظ ابن حجر في الفتح، واختار ابن عبد البر قول من يقول إنَّ المراد بالفطرة هنا السلامة والاستقامة في الخِلقة التي يخلق عليه المولود في المعرفة بربّه، بخلاف خِلقة البهائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>