للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرفوعًا: "لا يدخل أحدًا منكم الجنَّة عملُه ولا يجيره من النَّار، ولا أنَا إلَّا بتوحيد الله" (١) وأصل الحديث في الصَّحيح.

وهنا نكتة لابد من التَّنبيه عليها وهي: أنا قدمنا الجنَّة إنَّما تدخل برحمة الله تعالى وليس عمل العبد مستقلاً بدخلوها وإن كان فيه نوع سبب لدخولها وهو كذلك.

فإن قلت: قد أثبت اللهُ تعالى دخول العبادِ الجنَّة بالأعمالِ في غيرِ موضع مِنْ كلامه القديم كقوله: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: ٣٢] و {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢)} [الزخرف: ٧٢] ونفى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دخولها بالأعمال في غيرِ حديث كقولِه - صلى الله عليه وسلم -: "لن يدخل أحد منكم الجنَّةَ بعمله" (٢).

فالجواب: أنَّه لا تنافي بين كلام اللهِ وكلام حبيبه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أصلاً لوجهين: أحدهما ما ذكره سفيان، وغيره قال: كانوا يقولون: النجاة من النَّارِ بعفو الله، ودخول الجنَّة برحمته، وانقسام المنازل والدرجات بالأعمالِ ويدل على هذا حديث أبي هريرة رَضي اللهُ عَنْهُ: "إن أهْلَ الجنةِ إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم" (٣) روَاه التِّرمذيُّ.


(١) رواه مسلم (٢٨١٧) كتاب: الرقاق، باب: صفة الجنَّة والنَّار. ولفظه: " ... ولا أنا إلَّا برحمة من الله". وأحمد ٣/ ٣٩٤.
(٢) رواه البُخاريّ (٦٤٦٣)، ومسلم (٢٨١٦) من حديث أبي هريرة بمعناه.
(٣) رواه التِّرمذيُّ (٢٥٤٩) كتاب: صفة الجنَّة، باب: ما جاء في سوق الجنَّة.
وابن ماجة (٤٣٣٦) كتاب: الزهد، باب: صفة الجنَّة.
وابن حبان ١٦/ ٤٦٦ - ٤٦٨ (٧٤٣٨) كتاب: إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصّحابة، باب: وصف الجنَّة وأهلها.