للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخوف وبكى نوح لمَّا عُوتب في ابنه ثلاثمائة عام. وروينا في الإسرائيليات أن كلبًا أجرب مرّ بنوح فقال له نوح: إخسأ يا قبيح فأوحى اللَّه إليه: يا نوح أعبتني أم عبت الكلب. فناحَ لذلك فسمي نوحًا واسمه عبد الغفار كما في "تاريخ الحنبلي" وغيره.

فهذا خوف القوم ونحن أحق بالخوف منهم غير أنَّ الخوف يكون بمقدار صفاء القلوب وقوة المعرفة وإنَّما أمنا لغلبة الجهل فنسأل اللَّه سبحانه وتعالى أن يرزقنا معرفته، وأن يمنحنا القرب إليه، ومجاورته في الدار التي لا حزن فيها بمنه وكرمه.

[فصل]

واعلم أنَّ البكاء من خشية النار ينجي منها، وأنَّ التعوذ باللَّه منها يوجب الإعاذة منها. وقد تكاثرت بذلك الأحاديث. قال بعض السادة: البكاء من خشية اللَّه سبب للنجاة من النَّار بل ومن كلّ ما يخشى الإنسان والبكاء من نار جهنم هو البكاء من خشية اللَّه؛ لأنه بكاء من خشية عقاب اللَّه، وسخطه، والبعد عنه، وعن رحمته، وجواره، ودار كرامته.

أخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "لا يلج النَّار رجل بكى من خشية اللَّه حتى يعود اللبن في الضرع" ورواه النسائي (١).


(١) رواه الترمذي (١٦٣٣) في كتاب: فضائل الجهاد، باب: جاء في فضل الغبار في سبيل الله.
والنسائي (٣١٠٨) في الجهاد ما باب: فضل من عمل في سبيل الله على قدمه.