وأما ثمارها فقد قال الله تعالى:{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا}[البقرة: ٢٥] فقولهم: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} أي: شبيهه ونظيره لا عينه. وهل هذا الذي رزقنا في الدنيا نظيره من الفواكه والثمار؟ أو هذا الذي رزقنا من قبل في الجنَّة؟ فيه قولان: ففي تفسير السدي عن ابن عباس، وابن مسعود، وناس من الصحابة رضي الله عنهم {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} إنهم اؤتوا بالثمرة في الجنَّة فلما نظروا إليها قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا: قال مجاهد: ما أشبهه به. وقال ابن زيد: هذا الذي رزقنا من قبل في الدُّنيا وأتوا به متشابها يعرفونه.
وقال آخرون: هذا الذي رزقنا من ثمارِ الجنَّة منْ قبل هذا لشدة مشابهة بعضه بعضًا في اللون، والطعم، وظاهر كلام المحقق: الميل إلى هذا، وذكر حجج القولين في "حادي الأرواح"(١)، ثُمَّ قال: وأمَّا قوله عز وجل {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} فقال الحسن: خيار كلّه لا رذل فيه، ألم تروا إلى ثمار الدنيا كيف يسترذلون بعضه؟ وأما ذلك فليس فيه رذل ونحوه. قال قتادة، وقال ابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهم: تشابها في اللونِ، وقاله ناس من الصحابة أيضًا. قال مجاهد:
(١) "حادي الأرواح" ص ٢٤٥ - ٢٤٨، وجميع هذه الأقوال في "الدر المنثور" تفسير آية (٢٥) من البقرة.