قال: وأمّا الأنبياءُ فلا نعلم أن لهم في القَبور ضَمةً ولا سؤالًا لعصمتهم (١).
قُلت: قَدْ قدَّمنا أنَّ السؤال إنما هُو عن الأنبياء وما أخبروا به، فكيفَ يُسألونَ عن أنفسهم، فهم أكرمُ على الله وأجلّ وأعظمُ عندَ اللهِ من أن يُسألوا.
وقد ذَكرَ ابن الجوزي رحمهُ الله في "مناقب سيّدنا الإمام أحمدَ"، أنَّهُ رآه المروزي رحمهُ اللهُ فقال له: ما فعل اللهُ بك؟ فَذكرَ أنَّ الملكين سألاهُ وقالا له: من ربّك؟ فقال: سبحانَ الله أوَمثلي يُسأل عن ربه؟ فقالا: لا تؤاخذنا، بذا أمرنا ثم انصرفا، فكيفَ بأنبياء الله الكرام، وهمُ المخبرون عنه، الدّالونَ عليه، المجتهدون في إنقاذ عباده من غضبه إلى مرضاتِه بإذنه.
[من أسباب ضمة القبر]
قالَ محمدُ التيمي: كان يُقالُ ضمّةُ القبر. إنّما أصلُها أنَّها أمّهم، ومنها خُلقوا، فغابوا عنها الغيبةَ الطويلةَ فلمَّا رُدّوا إليها ضمتْهم ضمّةَ الوالدةِ إذا غابَ عنها ولدُها ثُمَّ قدم. فَمنْ كانَ لله مُطيعًا ضمتهُ برأفة ورفق، ومَنْ كانَ عاصيًا ضمته بعنف؛ سَخطًا منها عليهِ لربّها.
وأخرجَ البيهقي وابنُ مندهَ والديلمي وابن النجارِ، عن عائشةَ
(١) "نوادر الأصول" ص ١٦٠، وانظر تخريج الأحياء (٤٠٦٩).