للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث، وكثرت اشتد بعضها ببعض، وفي قول الترمذي (١) هذا أصح من حديث المسعودي يفهم منه أنَّه مقبول، بل صحيح كما لا يخفى على أنَّ ثُمَّ مَنْ تكلم فيه والله تعالى هو الموفق.

فصل زيارة أهل الجنَّة لبعضهم بعضا

وأمَّا زيارة أهل الجنَّةِ بعضهم بعضًا: فقد قال تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٥٠) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢)} [الصافات: ٥٠ - ٥٢] إلى قوله: {لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} [الصافات: ٥٧]، فأخبر سبحانه أنَّ أهل الجنَّةِ أقبل بعضهم على بعضٍ يتحدثون، ويتساءلون عن أمور، وأحوال كانت تعرض لهم في الدُّنيا فأفضت بهم المحادثة والمذاكرة إلى أن قال قائل منهم: كان لي قرين في الدُّنيا ينكر البعث، والدار الآخرة.

قال مجاهدِ (٢): كان شيطانًا، وقال آخرون: كان من الإنس، وقال مقاتل: كانا أخوين، وقال الباقون: كانا شريكين أحدهما: أسمه فطروس، والآخر: مؤمن اسمه يهوذا هما اللذان قص الله خبرهما في سورة الكهف. {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ} [الكهف: ٣٢]. قاله البغوي (٣).

ثمَّ يقول لإخوانه في الجنَّة هل أنتم مطلعون في النَّار لننظر كيف منزلة قريني وما صار إليه؟ هذا أظهر الأقوال، وقيل: إنَّ الملائكة


(١) (٢٥٤٣).
(٢) انظر "الدر المنثور" (١٢/ ٤٠٦ - ٤١٢).
(٣) انظر "تفسير البغوي" ٥/ ١٧٠.