قال عَزَّ وَجَلَّ:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}[الزمر: ٥٣] وقال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩)} [الحجر: ٤٩] ثم قال: {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)} [الحجر: ٥٠] إلى غير ذلك من الآيات القرآنية.
ومما ينبغي أن يعلم أنَّ الله سبحانه وتعالى أرحم بعبده من الأم الشفوقة على ولدها وأنَّه تعالى أرحم بنا من أنفسنا كيف وهو الذي أفاض على العباد مِنْ هذه البركات، وأتى بهذه الخيرات، وامتن بهذه النعم التي ملأت ما بين الأرضِ والسماوات، واستخرج عبادَه مِنْ ظلمات الكفرِ، واستنقذهم من غمرات الجهلِ وهو الذي يغفرُ الذنوبَ جميعاً، ويستر العيوبَ، وينفس عن المكروب، ويجيبُ المضطر إذا دعاه وإنْ كان قد أكَلَ رزقه وعصاه وعتا عن ذكر ربه وتولى سواه سبحانه مِنْ إله ارتدى بالعظمةِ، وتسربل بالكبرياء فلا يُحَدُّ كرمه، ولا تعد نعمه وللهِ در القائل:
حَدثْ عن الجودِ وعن فيضه ... فالأمر مبني على الجودِ