يشتغل عنها بعد ذلك الموقف أربعين خريفًا لا يلتفت، ولا يعود ما يشغله عنها إلَّا ما هو فيه مِنَ النَّعيم والكرامة".
وأخرج ابن أبي الدُّنيا (١) عن سيدنا الحسن بن على عن أبيه رضوان الله عليهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ في الجنَّة لشجرة يخرج من أعلاها حلل، ومن أسفلها خيل من ذهب مسرجة ملجمة من در وياقوت، لا تروث ولا تبول، لها أجنحة خطوها مد بصرها فيركبها أهل الجنَّة، فتطير بهم حيث شاءوا، فيقول الذي أسفل منهم درجة: يا رب بم بلغ عبادك هذه الكرامة كلها؟ فيقال لهم: كانوا يصلون بالليل. وكنتم تنامون، وكانوا يصومون، وكنتم تأكلون وكانوا ينفقون وكلنتم تبخلون، وكانوا يقاتلون وكنتم تجبنون".
فصل في ذكر سوق الجنَّة، وما أعدَّ الله فيها لأهلها
أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إنَّ في الجنَّة لسوقًا يأتونها كل جمعةٍ فتهب ريحُ الشمال فتحثوا في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنًا وجمالًا فيرجعون
(١) ابن أبي الدنيا في "صفة الجنَّة" ص ١٧٦ - ١٧٨، الخطيب في تاريخه (١/ ٢٦٦) ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (٣/ ٢٥٥).