للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتاب الرابع في ذكر الجنَّة وصفاتها، وذكر نعيمها ولذاتها

جعلنا الله تعالى مِن أهلِها من غير سابقة عذاب، ولا مناقشة حساب قد تقدم أنَّ الجنَّةَ لا تدخل بالأعمال وإنَّما تدخل برحمة الكريم المتعال، وفضل ذي المنة والنوال، وقد ذكرنا أيضاً أنَّها موجودةٌ الآن ولكن لابد من زيادة هذا المقام توضيحًا وتحريرًا وتنقيحًا.

قال الإمام المحقق ابن القيِّم في كتابه "حادي الأرواح" إلى منازلِ الأفراح (١): لم يزل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتابعون، وتابعوهم، وأهل السُّنةِ والحديث قاطبة، وفقهاء الإسلام، وأهل التصوف والزهد على اعتقاد ذلك وإثباته مستندين في ذلك إلى نصوص الكتابِ والسنَّةِ وما علم بالضرورة من أخبارِ الرسل عليهم الصَّلاة والسلام كلهم من أولهم إلى آخرهم فإنَّهم دعوا الأمم إليها، وأخبروا بها إلى أَنْ نبعَت نابعَة من القدرية والمعتزلة فأنكرت أن تكون الجنَّة الآن مخلوقة قالت: بل الله ينشئها يوم القيامة والمعاد وحملهم على ذلك أصلهم الفاسد الذي وضعوا به شريعة فيما يفعله الله وأنَّه ينبغي له أن يفعلَ كذا، ولا ينبغي له أن يفعل كذا وقاسوه على خلقه في أفعالهم (٢) فهم


(١) حادي الأرواح ص ١١.
(٢) في (ب)، و (ط): (أفعاله).