واعلم رحمك الله أن الملاحدة والزنادقة أنكروا عذاب القبر، وسعته وضيقه وكونه حفرة من حفر النّار، أو روضة من رياض الجنَّة، وأنكروا جلوس الميت في قبره.
قالوا: فإنا نكشفُ القبر ولا نجد فيه ملائكة يَضربون الموتى، بمطارق الحديد، ولا نجد ثَمّ حيّات وثعابين، ونيران. قالوا: وكيف يفسح له مدّ بصره أو يضيق عليه ونحن نجده بحاله، ومساحَته على حالها؟ وكيف يَسع ذلك اللحد الضيق له؟ ولمن يؤنسه أو يوحشه؟
وقال إخوانهم من أهل البدع والضلال: كُل حديث يُخالف مقتضى العقول، نقطع بتخطئة ناقله قالوا: ونحن نرى المصلوب على الخشبة مُدة طويلة، لا يُسأل ولا يجيب ولا يتحرك، ولا يتوقد جسمُه نارًا ومن افترسته السباع، ونهشته الطير، وتفرّقت أجزاؤه في حواصل الطيور، وأجواف السباع، وبطون الحيّات، ومدارج الرياح، فكيف يُسأل وكيف يَصير القبر على هذا روضة أو حُفرة؟ وكيف يتسع قبرهُ أو يُضيق؟
هكذا زعم أعداءُ الله رسله، وأجاب عن ذلك الإمام المحقق في "الرّوح"(١)، كغيره بأمور يُعلم بها.
الجواب: الأمر الأوّل: أن يعلم أن الرسل عليهم السلام، لم يخبرونا بما تحيله العقول، وتقطع باستحالته، بل إخبارُهم قسمان،