الماء فيها باردًا بردًا شديدًا كاد أن يجمد، فذكر الزمهرير الذي في النار ويده في المطهرة فلم يخرجها منها حتَّى أصبح، فجاءت الجارية وهو على تلك الحال فقالت: ما شأنُكَ يا سيدي؟ لم تصلِّ الليلة كما كنت تُصلَّي؟ قال: ويحك إني أدخلت يدي في هذه المطهرة فاشتد عليَّ البردُ فذكرت به الزمهرير فوالله ما شعرت لشدة برده حتَّى وقفتِ عليَّ، انظري لا تخبري بهذا أحدًا ما دمت حيًا فاعلم بذلك أحدٌ حتَّى مات رحمه اللَّه تعالى.
[فصل]
وأما سجر جهنم وتسعيرها فقد سبق أنه أوقِد عليها ثلاثة آلاف عام. وخرَّج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لما خلق اللَّه النار أرسلَ جبريلَ عليه السلام إليها وقال: اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددتُ لأهلها فيها، قال: فنظر إليها فإذا هي يركب بعضها بعضا، ثم رجع وقال: وعزتك لا يدخلها أحد سمع بها، فامر بها فَحُفَّت بالشهوات ثم قال: أذهب فانظر ما أعددت لأهلها فيها، فنظر إليها فرجع فقال: وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلّا دخلها"(١) واعلم أن جهنم تسجر كل يوم نصف النهار.
أخرج مسلم عن عمرو بن عبسة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "صلِّ
(١) أخرجه أحمد ٢/ ٣٥٤ (٨٦٤٨)، وأبو داود (٤٧٤٤)، والترمذي (٢٥٦٠) وقال الترمذي: حسن صحيح.