للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

وأمَّا زروع الجنَّة فقال تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزخرف: ٧١].

وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يومًا يحدث، وعنده رجل من أهل البادية فقال: (يعني: النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) إنَّ رجلًا من أهل الجنَّةِ استأذن ربّه عزّ وجلّ في الزّرع فقال له: "أو لست فيما اشتهيت؟ فقال: بلى، ولكن أحب الزرع فأسرع، وبذر فبادر الطرف نباته، واستواؤه، واستحصَاده، وتكويره أمثال الجبالِ فيقول الله عز وجل: دونك يا ابن آدم فإنه لا يشبعك شيء" فقال الأعرابي: يا رسُولَ الله، لا تجد هذا إلا قرشيا أو أنصاريا فإنهم أصحابُ زرع، فأمَّا نحن فلسنا بأصحاب زرع فضحكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

قال في "حادي الأرواح" (٢): هذا يدل على أنَّ في الجنَّة زرعًا وذلك البذر منه قال: ولا أعلم ذكر الزرع في الجنَّة إلا في هذا الحديث وفي خبر إبراهيم بن [الحسين] (٣) عن أبيه، عن عكرمة "بينما رجل في الجنَّة فقال في نفسه: لو أنَّ الله يأذن لي لزرعت فلا يعلم إلا والملائكة على أبوابه فيقولون سلام عليك يقول لك ربّك: تمنيت في نفسك شيئًا


(١) رواه البخاري (٢٣٤٨) كتاب: المزارعة، وأحمد (٢/ ٥١١)، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (٣٩٩).
(٢) في "حادي الأرواح" ص ٢٥٣، ٢٥٤.
(٣) "الحلية" (٣/ ٣٣٤)، وما بين القوسين في "الأهوال": الحكم، وما أثبت من "الحلية".