الحمدُ لله الذي قهرَ بالموتِ العباد، وأذل به رقاب أهل التجبر والعناد، وجعله تذكرة لأهل المعرفة والسداد، وسوى به بين الشريف والخسيس، والقريب والنائي (١)، وشرح صدور عباده المتقين، وألهمهم المعرفة والرشاد، وأحيا بذكره قلوب المخلصين، وعمرها بحبه وشاد، وجعل زبدة أعمالهم السكون لعظمته والانقياد، وأقام لهم من يدعوهم إلى منازل الأفراح فذلك حادي الأرواح والأجساد، وأبهج وجوههم بنور معرفته فأصبحوا كالبدور السافرة، فمن اقتدى بهم ساد، وجعل لهم السعادة في الدنيا والعاقبة في الأُخرى، يوم النفخ والتناد، وجعل قلوبهم قبور أسراره، وصدورَهم محشر نوره الوقَّاد.
فسبحانه مِن إله تفرَّد بالعظمة والبقاء والإيجاد، وقضى على عباده بالسعادة والشقاء، فكم من متكبر أباد، وجعل الدور ثلاثة طيبة لأهل الطاعة والازدياد، وخبيثة لأهل الكفر والإلحاد، / أ/ ومَشوبة بهما امتحانًا لتظهر الحكمة من الكريم الجواد.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له؛ لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أقواله، ولا في أفعاله، فهو المنزه عن الصاحبة والأولاد، شهادة عبد مذنب قد قالها من صميم الفؤاد، وادَّخرها عند مَن لا تضيع لديه الودائع يومَ تذوبُ الأكباد.