للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أهل الفلسفة، وصرَّح به عُباد الكواكب في عبادتها وقالوا: إذا تعلّقت النفوسُ الناطقة، بالأرواح العلوية، فاض عليها منها نورٌ؛ ولهذا عُبدت الكواكبُ واتخذت لها الهياكل، وصنفت لها الدعوات، وأطال في ذلك وفي الرد على أهله، فراجعه تظفر بكل ما تريد، والله الموفق.

[تنبيه]

روى أبو داود والترمذي وصححه، من حديث أَبي جُرَيٍّ الهَجْمِيِّ قال: أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: عليك السلامُ يا رسولَ الله قال: "لا تَقل عليك السلامُ، فإن عليك السلام تحية الميت" (١).

فهذا يشعر بأن السُنة في السلام على الموتى أن يقال عليكم بتقديم الصلة، وقد صح الحديث بذلك على أنه تقدّم في الأحاديث الصحيحة الصريحة، أنه قال لهم - صلى الله عليه وسلم -: "السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين" فيحتاج إلى الجمع حتى إنّ بعضَهم قال: هذا أصّح من حديث النهي.

وذهب آخرون إلى أنَّ السُنة ما دلّ عليه حديثُ النهي، وقد أجاب الإمام المحقق عن ذلك في كتابه: بدائع الفوائد (٢)، وأجاد حيث قال: كلٌّ من الفريقين إنما أتاهم ذلك من عدم فهم المقصود من الحديث، فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -، "عليك السلامُ تحية الموتى"، ليس تشريعًا منه وإخبارًا عن أمر شرعي وإنما هُو إخبارٌ عن الواقع المعتاد،


(١) رواه الترمذي (٢٧٢١)، وأبو داود (٤٥٨٤)، وابن أبي شيبة ٥/ ١٦٦، والحاكم ٤/ ٢٠٦، والطبراني في الكبير ٧/ (٦٣٨٦)، والبيهقي ١٠/ ٢٣٦.
(٢) بدائع الفوائد ٢/ ١٤٨. وانظر "معالم السنن" (٦/ ٤٨) و"تهذيب السنن" لابن القيم، وكتاب "الجنائز" للألباني (٢٥٩).