للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام المحقق في كتابه: "إغاثة اللهفان من مكايد

الشيطان" (١): بعد أن قرر زيارة القبور المشروعة. وحكى النزاع في

ذلك في نحو ثلاث كراريس وذكر زيارة أهل الإيمان، على نحو ما قدمناه.

وأما الزيارة الشركيّة فأصَلُها مأخوذٌ عَن عُبّاد الأصنام، قالوا: الميتُ المعظم عند الله، الذي لروحه قرب ومزيةّ عند الله تعالى، لا تزال تأتيه الألطاف من الله، وتفيض على روحه الخيرات، فإذا علق الزائر روحه به وأدناها منه، فاض من روح المزور على روح الزائر من تلك الألطاف بواسطتها، كما ينعكس الشعاع من المِرآة الصافية، والماء ونحوه على الجسم المقابل له قالوا: فتمامُ الزيارة أن يتوجه الزائر بروحه وقلبه إلى الميت، ويعكف بهمته عليه، ويوجّه قصده كله وإقباله عليه، بحيث لا يبقى فيه التفات إلى غيره، وكلما كان جمع الهمة والقلب عليه أعظم كان أقرب إلى انتفاعه به، وقد ذكر هذه الزيارة على هذا الوجه ابن سينا (٢) والفارابي (٣)، وغيرهما من


(١) "إغاثة اللهفان" (١/ ٢٨٢، ٢٢٣، ٣٦٢)، (٢/ ٢٠٥)، "زاد المعاد" (١/ ١٤٦)، و"الروح" (٥، ١٦، ١١٩).
(٢) ابن سينا: هو: أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن على بن سينا، البلخي ثم البخاري، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق، صنَّف "المجموع" وصنف "الحاصل والمحصول"، ولد في صفر عام ٣٧٠ هـ، وتوفي سنة ٤٢٨ هـ وله كتاب "دور الشفاء" [سير أعلام النبلاء ١٧/ ٥٣١]
(٣) شيخ الفلسفة الحكيم، أبو نصر، محمد بن محمد بن طَرْخَان بن أوْزَلَغ، التركي الفارابي المنطقي له تصانيف مشهورة، أحكم العربية بالعراق، وسار إلى حران ومصر وسكن دمشق، توفي سنة ٣٣٩ هـ، [سير أعلام النبلاء ١٥/ ٤١٦].